أولا: كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي :
صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى النجاشي ( تعال إلى كلمة سواء بيننا وبينك أن لا نعبد إلا الله ، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أربابا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون). فآمن ومن كان عنده ، وأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية حلة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتركوه ما ترككم)،وكان الذي حمل الرسالة إلى النجاشي ، عمرو بن أمية الضمري.
وقيل أن نص الرسالة إلى النجاشي كانت على هذا النحو:
(بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله ، إلى النجاشي ملك الحبشة ، أسلم أنت ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ، ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة ، فحملت به ، فخلقه من روحه ، ونفخه كما خلق آدم بيده ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة عن طاعته ، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله ، وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل ، وقد بلغت ونصحت ، فاقبلوا نصيحتي ، والسلام على من اتبع الهدى).
ثانيا: كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى :
روى البخاري بسنده إلى ابن عباس (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه إلى كسرى مع عبدالله بن حذافة السهمي ، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى. فلما قرأه مزقه ، قال الراوي – الزهري- فحسبت أن ابن المسبب قال( فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق).
وكتب كسرى إلى باذان عامله باليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز ، فليأتياني ، بخبره ، فبعث باذان قهرمانه – اسمه بابويه ، وهو الكاتب الحاسب – ورجلا آخر ، وكتب معهما كتابا ، فقدما بالمدينة ، فدفعا كتاب باذان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهما إلى الإسلام وفرائصهما ترعد ، وقال : (ارجعا عني يومكما هذا حتى تأتياني الغد فأخبركما بما أريد). فجاءاه من الغد ، فقال لهما : (أبلغا صاحبكما أن ربي قتل ربه كسرى في هذه الليلة) ، لسبع ساعات مضت منها ، وهي ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع ، وأن الله تبارك وتعالى سلط عليه ابنه شيرويه ، فقتله ، فرجعا إلى باذان بذلك ، فأسلم هو والأبناء الذين باليمن.
ثالثا: كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر :
ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد كتب إلى هرقل مع دحية بن خليفة الكلبي يدعوه إلى الإسلام. وذلك في مدة هدنة الحديبية ، وهو النص الثاني الذي ثبتت صحته وفق شروط المحدثين من بين سائر نصوص الكتب التي وجهت إلى الزعماء ، ونصه : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين. فإن توليت فعليك إثم الأريسيين. ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا. ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).
وعندما قرأ قيصر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم أرسل يبحث عن بعض المتصلين بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وفضل أن يكونوا من قومه وعشيرته ، فعلم بوجود جماعة من التجار فيهم أبو سفيان ، فدعاهم لمجلسه مع الترجمان ، فقال : (أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟) فقال أبو سفيان : (أنا أقربهم نسبا) ، فأدناه منه وقرب أصحابه منه لئلا يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب ، فأخذ يسأله عن جميع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الطويل المشهور ، حديث هرقل مع أبي سفيان ، والمروي في الصحيحين ، واستنتج من أجوبة أبي سفيان أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبي ، وقال في ختام كلامه مع أبي سفيان : ( فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين. وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم ، فلو أني أعلم أني أخلص لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه).
ثم قال للرسول (دحية الكلبي) (إني لأعلم أن صاحبك نبي مرسل ، والذي كنا ننتظره ونجده في كتابنا ، ولكني أخاف الروم على نفسي ولولا ذلك لاتبعنه) ، ثم صرفه إلى ضغاطر ، الأسقف صاحب الفتوى عندهم بحجة أنه أعلم الروم بهذا الشأن.