الحمد لله والصلاة والسلام على رسولا لله.
يقول الله تبارك وتعالى:
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(التوبة:33). هذه الآية الكريمة اشتملت على أصول الدين الثلاثة، فقوله تعالى{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ} هذا هو الله عز وجل، وقوله{ رَسُولَهُ} هذا نبينا صلى الله عليه وسلم، وقوله سبحانه{ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ} هذا هو دين الإسلام.
فالأصول الثلاثة الواردة في الآية هي معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام، وهي أصول العقيدة الصحيحة، والتوحيد الخالص. وهذه الأصول الثلاثة هي التي سَيُسْأَل عنها العبد أول نزوله القبر، فإن أفلح فيها فقد أفلح. وقد يتبادر للمرء أنها من السهولة بمكان الإجابة عنها كما هو الحال في الدنيا، والأمر ليس كذلك، فإن المكان غير المكان ، والزمان غير الزمان، وهول المطلع مما يرى من منكر ونكير، مَلَكان لم يرى مثل صورتهما قط ، ترتعد معها الفرائص، وينسى المرء نفسه من شدة الخوف والهلع، عوضا عن أن يجيب على هذه الأسئلة الثلاثة. ولكن الله بفضله ومنه يُثبت المؤمنين الصالحين بالقول السديد، ويضرب عليهم السكينة من هول ما يرون، فيجيبون على هذه الأصول الثلاثة، فيرون بعدها من النعيم ما تقر به أعينهم، كم قال عز وجل(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)،فالثبات هو عند حضور الأجل وفي القبر ويوم الحشر. وليس من معين على الثبات في هذه المواطن الثلاثة إلا تقوى الله عز وجل والعمل الصالح واجتناب كل ما يخالف أمر الله ونهيه. نسأل الله لنا ولكل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة الثبات على الحق حتى نلقاه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.