الدرس الأول: مشروعية الاجتهاد في فهم النص إذا توافرت فيهم الأهلية ، ورفع الحرج إذا وقع الخلاف في ذلك.
ويتجلى هذا فيما حصل للصحابة رضي الله عنهم أجمعين في غزوة بني قريظة ، في صلاة العصر وذلك عندما أتى جبريل عليه السلام ، إلى النبي عليه الصلاة والسلام بأمر الله يأمره فيه بالزحف إلى خونة العهد والميثاق ، يهود بني قريظة ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:قال النبي r يوم الأحزاب:(لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة)فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم :لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم:بل نصلي ، لم يرد منا ذلك.فذكر ذلك للنبي r فلم يعنف واحدا منهم.(رواه البخاري) والخلاف وارد في هذه الأمة من قديم وحديث، والخلاف في الفروع إذا كان ناتجا عن اجتهاد حصل معه خطأ في المسألة، فهو رحمة ومعفو عنه، فالمجتهد يصيب ويخطئ على قدر علمه واجتهاده ، وهو مأجور في كلا الحالتين فعن عمروا بن العاصt أنه سمع رسول اللهr قال(إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) (رواه مسلم) فتبين أن المجتهد مع خطئه له أجر ، وذلك لأجل اجتهاده وخطؤه مغفور له ، لأن درك الصواب في جميع أعيان الأحكام إما متغذر أو متعسر والله عز وجل قد قال (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (سورة الحج 78) وقال سبحانه(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ( سورة البقرة 185)، يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله :” وقد اتفق الصحابة في مسائل تنازعوا فيها ، على إقرار كل فريق للفريق الآخر على العمل باجتهادهم كمسائل في العبادات والمناكح والمواريث والعطاء والسياسة وغير ذلك ، وحكم عمر أول عام في الفريضة الحمارية بعدم التشريك وفي العام الثاني بالتشريك في واقعة مثل الأولى ، ولما سئل عن ذلك قال:تلك على ما قضينا وهذه على ما نقضي” (مجموع الفتاوى)، ولذلك انقسم الصحابة رضي الله عنهم في فهم أمر الرسولr في غزوة بني قريظة إلى قسمين:
قسم يظنون أنه يريد r العجلة، ولكن ليس على ظاهر الخطاب، فصلوا العصر في أماكنهم أو في الطريق، وذهبوا إلى بني قريظة، وقسم أخروا صلاة العصر حتى صلوها في بني قريظة؛ لأنهم فهموا أن المراد الظاهر. فلم يعب عليه الصلاة والسلام على أحد من الطائفتين ، فالأولون تمسكوا بعموم الخطاب ، فجعلوا صورة الفوات داخلة في العموم ، والآخرون كان معهم من الدليل ما يوجب خروج هذه الصورة عن العموم ، فإن المقصود المبادرة إلى القوم.فهم رضي الله عنهم حريصون كل الحرص على الإستجابة لأمر رسول اللهr ومن ناحية أخرى حريصون على آداء الصلاة في وقتها.
قلت: ويؤخذ مما سبق من الفائدة أن على علماء الأمة ودعاتها ، جمع الشتات ، ودفع الفرقة والخلاف ، فإن اجتماع الأمة وجمع كلمتها قوة لها في مواجهة أعدائها ، ودرء لبنيانها من التصدع والإنهيار ، وسلامة لمجتمعاتها من الفرقة والتناحر والإنشطار ، فمن أولويات الداعية إلى الله الحفاظ على كيان الأمة ، وجمع الكلمة ، والبعد عن كل ما يبعث على الفرقة ،ولكن ليس على إطلاقه، وقد حرص علماء الأمة من قديم وحديث على الحفاظ على هذا الكيان العظيم للأمة الذي أسسه نبينا عليه الصلاة والسلام ، إذ جمع الأمة على هذا الدين للعمل به كله ، فذاك سبب للألفة والاجتماع ، هذا الدين الذي هو في مجمله عبادة الله وحده لا شريك له ، كما أمر الله به ظاهرا وباطنا.والبعد عن الفرقة التي سببها ترك شيء مما أمر العبد به ، فلزوم جماعة المسلمين سبب لرحمة الله ورضوانه وصلواته ، وسعادة في الدنيا والآخرة ، والفرقة سبب لعذاب الله وغضبة ونقمته في الدنيا والآخرة.يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله عند قول الله تعالى ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﭼ :” وهذا أحد الأدلة على أن الإجماع حجة قاطعة فإنهم إذا اجتمعوا كانوا مطيعين لله مرحومين ، فلا تكون رحمة الله وطاعته بفعل لم يأمر الله به من اعتقاد أو قول أو عمل ، فلو كان القول أو العمل الذي اجتمعوا عليه لم يأمر الله به ، لم يكن ذلك طاعة لله ، ولا سببا لرحمته” (مجموع الفتاوى)، ولذلك نرى أن الله في آية أخرى نهى عن التنازع الذي به يحصل الفشل ويفترق الجمع ، وتذهب القوة ، وأمر بالصبر والثبات فقال عز وجل (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) (سورة الأنفال آية رقم 46) وعن أبي موسى رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه.) (رواه البخاري). وذلك يمثل احترام الإسلام لاختلاف وجهات النظر ما دامت عن اجتهاد مؤهل سليم، والناس غالباً أحد رجلين: رجل يقف عند حدود النصوص الظاهرة لا يعدوها، ورجل يتبين حكمتها ويستكشف غايتها ومكنونها، ثم يتصرف في نطاق ما وعى من حكمتها وغايتها ولو خالف الظاهر القريب.وكلا الفريقين يشفع له إيمانه واحتسابه واجتهاده ، سواء أصاب الحق أو ندَّ عنه. وغالبا ما يكون الخلاف بين العلماء والدعاة في المسائل الفقهية الاجتهادية ، أما الثوابت كالعقيدة والتوحيد فلا اجتهاد فيها. والله سبحانه وتعالى تعبَّد عباده بنوعين من التكاليف:
أولهما: تطبيق أوامر معينة واضحة تتعلق بالعقيدة أو السلوك.
ثانيهما: البحث وبذل الجهد ابتغاء فهم المبادئ والأحكام الفرعية من أدلتها العامة المختلفة، وليس المطلوب ممن أدركته الصلاة في بادية التبست عليه جهة القبلة فيها، أكثر من أن تتجلى عبوديته لله تعالى في أن يبذل كل ما لديه من وسع لمعرفة جهة القبلة حسب فهمه وما يبدو له من أدلة، حتى إذا سكنت نفسه إلى جهة ما، استقبلها فصلى إليها. ثم إن هنالك حكما باهرة لمجيء كثير من الأدلة والنصوص الشرعية الظنية الدلالة غير قطعية من أبرزها، أن تكون الاجتهادات المختلفة في مسألة ما، كلها وثيقة الصلة بالأدلة المعتبرة شرعا، حتى يكون للمسلمين متسع في الأخذ بالاجتهاد فيها حسبما تقتضيه ظروفهم ومصالحهم المعتبرة، وتلك من أجلى مظاهر رحمة الله بعباده، في كل عصرٍ وزمن، (زاد المعاد،لابن القيم الجوزية).
وإذا تأملنا هذا، وعلمنا أن السعي في محاولة القضاء على الخلاف في مسائل الفروع، معاندة للحكمة الربانية والتدبير الإلهي في تشريعه، عُد أنه ضرب من العبث الباطل، إذ كيف تضمن انتزاع الخلاف في مسألة ما دام دليلها ظنيا محتملا، لو أمكن ذلك أن يتم في عصرنا، لكان أولى العصور به عصر رسول اللهr ، ولكان أولى الناس بأن لا يختلفوا هم الصحابة، فما بالهم اختلفوا ؟والمتحتم على الداعية إلى الله أن يوطن نفسه في أن الخلاف والاختلاف في فروع الدين باب قائم ، وباب الإجتهاد قائم لمن توافرت فيه صفات المجتهد وأدوات الإجتهاد ، وأن مرد كل خلاف إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فما وافقهما أخذ به وما خالفهما ترك ، فلا يكون الخلاف باب فرقة وتنازع وشقاق بين الدعاة إلى الله ولا بين أفراد الأمة ، والإسلام يحث على الألفة والاجتماع وينبذ ما خالفهما ، فأخوة الدين ورابطة العقيدة هي المحور الذي تلتقي على رحابه أمة الإسلام كما قال الله عز وجل ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﭼ (زاد المعاد،لابن القيم الجوزية)، وعن أبي هريرة t عن النبي r قال:( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا) (رواه البخاري)،وحث عليه الصلاة والسلام على التطاوع بين المسلمين وعلى البشارة والتيسير ، ونهى عن الاختلاف والتنفير ، وذلك مما يبعث على الألفة والاجتماع ، ويبعد عن الفرقة والتنازع والتقاطع فعن أبـي بـردة عـن أبيـه عـن جـده أن النبـي r بعـث معـاذا وأبـا موسـى إلـى اليمـن فقـال 🙁 يسـرا ولا تعسـرا وبشـرا ولا تنفـرا ، وتطاوعـا ولا تختلفـا )( رواه البخاري)، وقد اختلف الفقهاء رحمهم الله فيما وقع بين الصحابة رضي الله عنهم من الخلاف في صلاة العصر في غزوة بني قريظة ، فمنهم من قال الذين صلوها في وقتها هم المصيبون لأنهم فهموا أن المراد من الأمر الإسراع وليس تأخير الصلاة ، ومنهم من قال بل المصيبون هم من أخروها وهم الذين أخذوا بظاهر الخلاف ، وقد نقل ابن القيم رحمه الله بعضا من هذا الخلاف وكان ترجيحه أن الذين صلوها في الطريق في وقتها هم المصيبون ، وذلك لجمهم بين الأدلة وبين تنفيذ الأمر فقال:(واختلف الفقهاء أيهما كان أصوب ، فقالت طائفة الذين أخروها هم المصيبون ولو كنا معهم لأخرناها كما أخروها ، ولما صليناها إلا في بني قريظة امتثالا لأمره وتركا للتأويل المخالف للظاهر ، وقالت طائفة أخرى : بل الذين صلوها في الطريق في وقتها حازوا قصب السبق وكانوا أسعد بالفضيلتين فإنهم بادروا إلى امتثال أمره في الخروج وبادروا إلى مرضاته في الصلاة في وقتها، ثم بادروا إلى اللحاق بالقوم فحازوا فضيلة الجهاد وفضيلة الصلاة في وقتها وفهموا ما يراد منهم وكانوا أفقه من الآخرين ولا سيما تلك الصلاة فإنها كانت صلاة العصر وهي الصلاة الوسطى بنص رسول الله r الصحيح الصريح ، الذي لا مدفع له ولا مطعن فيه ، ومجيء السنة بالمحافظة عليها ، والمبادرة إليها ، والتبكير بها ، وأن من فاتته فقد وتر أهله وماله ، أو قد حبط عمله ، فالذي جاء فيها أمر لم يجيء مثله في غيرها ، وأما المؤخرون لها ، فغايتهم أنهم معذورون ، بل مأجورون أجرا واحدا لتمسكهم بظاهر النص ، وقصدهم امتثال الأمر ، وأما أن يكونوا هم المصيبين في نفس الأمر ومن بادر إلى الصلاة و إلى الجهاد مخطئا ، فحاشا وكلا ، والذين صلوا في الطريق جمعو بين الأدلة ، وحصلوا الفضيلتين فلهم أجران والآخرون مأجورون أيضا ، رضي الله عنهم .فإن كان تأخير الصلاة للجهاد حينئذ جائزا شرعا ، فإنه كان عقب تأخير النبي r العصر يوم الخندق إلى الليل ، فتأخيرهم صلاة العصر إلى الليل كتأخيره r لها يوم الخندق إلى الليل سواء ، ولا سيما أن ذلك كان قبل شروع صلاة الخوف ، قيل هذا سؤال قوي وجوابه من وجهين. أحدهما:أن يقال لم يثبت أن تأخير الصلاة عن وقتها كان جائزا بعد بيان المواقيت ، ولا دليل على ذلك إلا قصة الخندق ، فإنها هي التي استدل بها من قال أنه r كان عن عمد بل لعله كان نسيانا ، وفي القصة ما يشعر بذلك ، فإن عمر لما قال له يا رسول الله ما كدت أصلي صلاة العصر حتى كادت الشمس تغرب قال رسول الله r “والله ما صليتها ثم قام فصلاها” وهذا مشعر بأنه r كان ناسيا بما هو فيه من الشغل والاهتمام بأمر العدو المحيط به ، وعلى هذا يكون قد أخرها بعذر النسيان كما أخرها بعذر النوم في سفره وصلاها بعد استيقاظه وبعد ذكره لتتأسى الأمة به.والجواب الثاني أن هذا على تقدير ثبوته إنما هو في حال الخوف والمسايفة عند الدهش عن تعقل أفعال الصلاة والإتيان بها ، والصحابة عند مسيرهم إلى بني قريظة ، لم يكونوا كذلك بل كان حكمهم حكم أسفارهم إلى العدو قبل ذلك وبعده ، ومعلوم أنهم لم يكونوا يؤخرون الصلاة عن وقتها ، ولم تكن قريظة ممن يخاف فوتهم ، فإنهم كانوا مقيمين بدارهم فهذا منتهى أقدام الفريقين في هذا الموضع.) (زاد المعاد ) .
ولذلك فإن الذي تطمئن له النفس في اجتهاد الصحابة هو عمل الطائفة الثانية الذين صلوا العصر في الوقت وفهموا أن المراد من الأمر هو التعجيل ، والكل مجتهد وهم جميعهم على خير والله تعالى أعلم.
الدرس الثاني: الجهاد ، وهو من أجل الأعمال ، بل هو ذروة سنام الإسلام ،وقد شرع الله الجهاد في سبيله لإعلاء كلمته ونصرة دينه ودحر أعدائه ، وشرعه ابتلاء واختبارا لعباده (ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) (سورة محمد آية رقم 4) ،والجهاد في سبيل الله له الأهمية العظيمة في الإسلام ، فهو ذروة سنام الإسلام ، وهو من أفضل العبادات ومن أهم وسائل الدعوة إلى الله تعالى ونشرها في الأرض ، وقد عده بعض العلماء ركنا سادسا من أركان الإسلام ، ولا يختلف اثنان في أن الجهاد عبادة وقربة إلى الله إذا ما توافرت أسبابه ، وتحققت شروطه ، وفيه إعلاء لكلمة الله ونشرا للدين ، فلو نظرنا إلى تعريف العلماء رحمهم الله للعبادة لوجدنا أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة،( العبودية،لابن تيمية)، والجهاد أمر الله به وحث عليه ورتب عليه ثمرات ليست لغيره ،فعن معاذ بن جبلt قال : أقبلنا مع رسول اللهr من غزوة تبوك فلما رأيته خليا قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال “بخ لقد سألت عن عظيم وهو يسير على من يسره الله عليه تقيم الصلاة المكتوبة وتؤدى الزكاة المفروضة وتلقى الله عز و جل لا تشرك به شيئا أولا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه أما رأس الأمر فالإسلام فمن أسلم سلم وأما عموده فالصلاة وأما ذروة سنامه فالجهاد في سبيل الله…” (رواه أحمد )، بل والجهاد عده رسول اللهr أفضل الأعمال تارة يكون بعد الإيمان وتارة بعد الصلاة وفي مواضع عديدة ، ولا ينكر أي شخص من المسلمين أن الجهاد من أجل العبادات التي أمر الله بها , ولا ينكر هذا إلا من لم يقرأ القرآن أو لم يتمعن في أحاديث الرسول r .ولو نظرنا إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام لوجدنا من الأدلة ما لا يحصى عدده التي تحث على الجهاد وترتب على فعله من الأجور العظيمة ما الله به عليم.ومن ذلك قول الله عز وجل (انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )(سورة التوبة آية رقم 41) ،وقوله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )(سورة الصف الآيتان 10 و 11) ،وقوله عز وجل (لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا )(سورة النساء آية رقم 95)، والآيات في هذا الباب كثيرة جدا ، وأما من السنة فعن أبي هريرة t أن رسول الله r (سئل أي العمل أفضل فقال إيمان بالله ورسوله ، قيل ثم ماذا؟ قال:الجهاد في سبيل الله ، قيل ثم ماذا؟قال:حج مبرور) (رواه البخاري ) ،وعن أبي هريرة t قال:قيل للنبي r ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل قال”لا تستطيعونه”قال فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول”لا تستطيعونه”وقال في الثالثة”مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى” (رواه مسلم) ، والأحاديث في هذا الباب أكثر من أن تحصى التي تحث على الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.والصحابة رضي الله عنهم أجمعين كانوا أسرع الناس إلى التماس مواطن الأجر والرضا فكانوا يتسابقون إلى كل عبادة وعمل صالح يقربهم من الله تعالى ، ومن ذلك الجهاد في سبيل الله الذي به يبلغ الشهيد أعلى منازل الأبرار ، ومن ذلك ما رأيناه في غزوة بني قريظة من سرعة استجابتهم للنداء الجهادي بعد ما قاسوا وعانوا من مكابدة الأعداء في غزوة الخندق ، وما ذاك إلا لعلمهم ويقينهم بعظم قدر هذه العبادة وما يترتب على فعلها من الأجر العظيم.ومقولة الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما هم هو والزبير باقتحام حصن بني قريظة قال”والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأقتحمن حصنهم” (سيرة بن هشام باب غزوة بني قريظة ) ، هي خير دليل على صدق تعبد هؤلاء الأخيار وثقتهم التامة بما في يد الله من الأجر والفضل الكريم ، ولذلك علم الله بصدق نواياهم فصدقهم فيما وعدهم به من الفضل.ومما سبق يتجلى لنا أن الجهاد عبادة وقربة إلى الله تعالى.
الدرس الثالث:إن إقامة الحدود في الأرض عبادة لله ، إن إقامة حكم الله عز وجل وشرعه المطهر وتنفيذ حدوده في الأمة هو عبادة محضة وحق لله تعالى وداخل بقوله r في معرض حديث معاذt (وحق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا) (متفق عليه ) ،ففي تطبيق أحكام الله في الأرض قربة ووسيلة إلى فضل الله ورحمته ، فعندما تطبق الأمة حدود الله في عباده فإنما تتعبد بذلك لله عز وجل ترجوا رحمته وتخشى عقوبته ، فلقد شرعت هذه الحدود رحمة بالمجتمع, وترهيبا لعموم الناس أن ينخرطوا في طريق الجريمة, وهذه رحمة بهم أيضًا من وجه آخر, ثم هي كفارة عن الذنب الذي فعله العبد, ومن ثم يُهَون عليه من حساب الآخرة وهو أَشق وأَشد فعن عبادة بن الصامت t أن رسول الله r قال لأصحابه ليلة العقبة :(تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف ، فمن وفى منكم ، فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله ، إن شاء عاقبه و إن شاء عفا عنه : قال:فبايعته على ذلك) (رواه البخاري ) ،وفي تشريع الحدود حكم عظيمة ومنافع جمة غفيرة، ينعم بجناها المجتمع الإنساني، ويتفيأ ظلالها، وتعود عليه بالأمن والاستقرار والراحة والهناء والاطمئنان، فيعيش المرء آمنا في سربه، مرتاح الضمير، روحه مصونة فلا تزهق، ودمه محقون فلا يراق، ونسبه كريم صاف فلا يلوث ولا يعتدى عليه، وعرضه سليم فلا يقذف ولا يوصم به، وأمواله محفوظة فلا تصل إليها يد خائن مجرم ولا تمتد إليها يد سارق جشع اتخذ النهب حرفة، وعقله باق على جبلته التي ميزه الله بها، فلا يزيل نعمة الله عليه بالسكر، ودينه ثابت مستقيم قوي صلب لا تلعب به الأهواء ولا تزعزعه العواطف فتجده مذبذبا متردداً يسير على غير هدى ويخبط خبط عشواء.ولذلك امتدح الله الذين مكنهم في الأرض وملكهم شئونها ، وشئون أهلها ، وأوجب عليهم القيام بحدوده فيها ، كما قال عز وجل (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )(سورة الحج آية رقم 41) ، قال ابن كثير رحمه الله:”هم أصحاب محمدr ” ((تفسير ابن كثير 3/214) ) ، وقال بن جرير الطبري رحمه الله:” (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ) ،إن وطأنا لهم في البلاد ، فقهروا المشركين وغلبوهم عليها ، وهم أصحاب رسول اللهr ” (تفسير الإمام الطبري) ، ورجح بن عطية في تفسيره القول بالعموم في الآية، وقال في ترجيحه: هو “أبين، وبه يتجه الأمر في جميع الناس، وإنما الآية آخذة عهدا على كل من مكنه الله، كل على قدر ما مكن، فأما (الصلاة) و (الزكاة) فكل مأخوذ بإقامتها، وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكل بحسب قوته والآية أمكن ما هي في الملوك” (المحرر الوجيز 4/126) ،فما دامت هذه فوائد تطبيق الحدود، فهنيئا للذين يطبقون حدود الله في الأرض، حياة مستقرة سعيدة في الدنيا، وأجر ومغفرة من الله في الآخرة. وبالمقابل، فما من أمة ضيعت أمر الله وحدوده إلا شاع فيها الذعر والفزع والاضطراب، وقل خيرها، وذهبت بركتها، وضاقت أرزاق أهلها، وكثرت فيها الأزمات والقلاقل. ومصداق هذا من كتاب الله قوله تعالى (وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا )(سورة الجن آية رقم 16) ، وقال تعالى(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (سورة الأعراف آية رقم 96) ،وباجتراء الناس على محارم الله وإمساك الأمة عن إقامة الحدود والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، تلحقهم اللعنة، كما لحقت بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون. ونبينا عليه الصلاة والسلام أقام حدود الله في أرضه ، حتى وهو يكابد أعداء الله في الحروب والغزوات ، وفي غزوة بني قريظة ، وفي خضم انشغاله بقطع دابر الخونة والغادرين من يهود بني قريظة ، لم يهمل شأن المرأة النضرية التي كانت تحت رجل من بني قريظة وكانت تدعى نباتة ، التي أغراها زوجها بتدلية الرحى على الصحابي خلاد بن سويد ، حيث كان مع بعض الصحابة يستضل بظل الحصن حال الحصار ، فشدخت رأسه فمات ، وبذلك ناداها النبي عليه الصلاة والسلام وأمر بقتلها ، تطبيقا لحد من حدود الله ، إزاء جريمتها بقتل نفس بغير حق(السيرة النبوية لابن كثير 3/242). وفي هذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام (إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة ) (السيرة النبوية لابن كثير 3/242).
وخلاصة القول في هذا أن إقامة الحدود في الأرض فيها مصالح للبلاد والعباد ، وطاعة للرحمن جل وعلا ، وما كان فيه مصالح لعباد الله ، وحفظا لحقوقهم وأموالهم وأعراضهم ، فإن السعي لإقامته قربة وعبادة لله يؤجر أصحابها ، وينالون بها خيري الدنيا والآخرة.
الدرس الرابع: الدعاء والتضرع واللجوء إلى الله تعالى ، ولا سيما عند الشدائد و الندم على ما بدر من الخطايا والذنوب عبادة ، بل الدعاء هو مخ العبادة (مجموع الفتاوى لابن تيمية )، وقد أمر الله عباده بالدعاء ووعدهم بالاستجابة ، بل جعل من لا يفعل ذلك من المستكبرين عن عبادته الموعودين بالعذاب والعياذ بالله تعالى من ذلك ، كما قال عز وجل(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (سورة غافر آية رقم 60) ، فمن فضله سبحانه أن لم يجعل بيننا وبينه حاجزا ولا وسيطا ولا وكيلا بل هو سميع قريب مجيب الدعاء الرحمن الرحيم كما قال تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )(سورة البقرة آية رقم 186) ، فالله عز وجل قريب مجيب حال السراء وحال الضراء وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد ، ولكن ابن آدم بطبيعته عجول وقليل الصبر ، يقول دعوت ولم يستجب لي ، ولذلك عندما كان موسى وهارون عليهما السلام يدعوان الله سبحانه على فرعون جاء الرد بأن (قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ )(سورة يونس آية رقم 89) ،قال ابن كثير: “لم يرى موسى الإجابة إلاّ بعد أربعين سنة ، وقال محمد بن كعب وعلي بن الحسين أربعين يوما ” (تفسير بن كثير 2/390) ، هذا نبي الله يدعو وينتظر أربعين سنة أو أربعين يوما ، فما بالنا لا ننتظر ولو أربعة أيّام إلاّ وتأنف أنفسنا ونقول لا يستجاب لنا!! ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي) (رواه البخاري ) ،قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “المَشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة؛ فإن الدعَاء من أفضل العبادات، وقد نَهانا الله عن الاعتِداءِ فيه، فينبغي لنا أن نَتبِعَ ما شرِع وسن، كما أنه ينبغي لنا ذلك في غيره من العبادات” (مجموع الفتاوى 22/525.) ،والشاهد الحي من غزوة بني قريظة هو الصحابي الجليل أبو لبابة بن عبد المنذر t عندما وجد نفسه أنه خان الله ورسوله فيما أخبر به بني قريظة من المصير المحتوم ، استدرك أمره واعترف بذنبه ، ولجأ إلى الله لجوءا صادقا ، قد صدر من قلب تائب منكسر ، لم يمل أو يكل من الدعاء والتضرع إلى الله لقبول توبته ،وبلغ به من الجهد وهو مرتبطا بسارية المسجد ما الله به عليم ، ومع ذلك كله لم تأته التوبة إلا بعد خمس عشرة ليلة وهو مرتبطا بالسارية (مجموع الفتاوى 22/525) ، ولكنه رضي الله عنه لم ييأس من روح الله ولم يقنط من رحمة الله ، ولم يستبطئ التوبة ، لثقته بالله وقوة إيمانه ويقينه ، فجمع في دعائه بين العبادة والتذلل والخضوع والرغبة فيما عند الله ، وأنه لا غنى للعبد عن الله طرفة عين.وهذا مثال حي لكل من وقع في ذنب أومعصية أن يلجأ إلى الله ويتوب إليه ، ويقلع عن الذنب وأن يكون دعائه في حد ذاته عبادة محضة لله عز وجل ، يجمع فيها بين الإخلاص والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم.
الدرس الخامس: الأعمال الصالحة عبادة وقربة لمن احتسب الأجر على الله عز وجل ، ويتجلى ذلك في غزوة بني قريظة ، فيما قامت به كعيبة بنت سعد بن عتبة ، المعروفة برفيدة الأسلمية ، التي وهبت نفسها ومالها لله في مداواة الجرحى ، ولم الشعث ، والقيام على الضائع والذي لا أهل له ، في خيمة لها بالمسجد النبوي ، عرفت بخيمة رفيدة الأسلمية ، التي سماها أهل السير بأنها أول مستشفى في الإسلام ، وأن رفيدة هي أول طبيبة في الإسلام ، فجعل النبي r الصحابي الجليل سعد بن معاذ عندها لتطببه ويزوره من قريب . فكل عمل يتقرب به العبد إلى الله تعالى ، خالصا به لله ، وموافقا به هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام ، كان هذا العمل عبادة يتعبد بها لله عز وجل . إن الأعمال الصالحة في عمومها، والتي لم تصبغ بصبغة تعبدية بحتة يمكن أن تتحول إلى عبادة، وذلك بإصلاح النية لله تعالى ، وابتغاء مرضاته بذلك الفعل؛ فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r (كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة) (متفق عليه ) ،بل إن عمل الإنسان في أمور معاشه عبادة ومن الأعمال الصالحة ، ولكن لا يكون ذلك إلا بشروط ذكرها عليه الصلاة والسلام في معرض كلامه مع أصحابه، فلقد رأى الصحابة رجلاً فعجبوا من جلده ونشاطه، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله؟. فعن كعب بن عجرة t قال: مرّ على النبي r رجل فرأى أصحاب النبي r من جلده ونشاطه ما أعجبهم، فقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله r (إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياء وتفاخراً فهو في سبيل الشيطان) (رواه الطبراني في الأوسط ) ،ومن رحمة الله الواسعة بعباده أن جعل المباحات أيضا من الأعمال الصالحة وتصبح عبادة ، متى ما ابتغى العبد بها وجه الله والدار الآخرة ، ووافق فعله فيها هدي النبي عليه الصلاة والسلام فعن أبي ذر t أن أناسا من أصحاب النبيr قالوا للنبي عليه الصلاة والسلام يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال(أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون إن بكل تسبيحة صدقة وبكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة )قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال(أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) (رواه مسلم).