صَنَم العَصْر ومَضْيعة العُمُرومجلبة الضُر… د. ناجي بن وقدان

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

حبا الله العباد نعما كثيرة لا تُعد ولا تُحصى(وإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ )[1]،ومن ذلك ما وهبهم من وسائل الاتصال والتواصل التي لم تكن موجودة قبل حقبة من الزمن ،يسرت سبل التواصل،ووفرت عليهم العناء والمشقة،والوقت والكُلْفة،ومن تلك الوسائل والنعم وسيلة الهاتف المحمول(الجوال) ،هذا الجهاز الصغير المعقد بما يحمله من أضرار ومنافع،السلاح ذو الحدين،إذا تجاوز استخدامه الحد الضروري إنقلب نقمة على صاحبه بما يحمله من سلبيات وأضرار على الدين والبدن معا.ونحن بصدد التحدث عن المضار والآثار السلبية التي يجلبها الجوال على النفس والعمر والأسرة والمجتمع،للتحذير منها وخشية الوقوع فيها،وهذا له أصل في الشرع،فقد جاء الإسلام بدفع الضر وجلب النفع،قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه(كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي)[2].

ومن المعلوم ضرورة أن الله خلق الإنسان ومنحه عُمُرًا محدودا بأيامه وسنينه وساعاته ودقائقه،لا يزيد ولا ينقص، وجعله موطنا للعبادة والتزود من مسرح فَانٍ إلى دار باقية وأطره جل وعلا على قوله تعالى(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[3]، قال الربيع بن أنس : ( إلا ليعبدون ) أي : إلا للعبادة.[4]

فالعبد في الأصل مأمور بالعبادة والطاعة،ويأخذ من الدنيا ما يعينه على تأدية هذه المهمة التكليفية العظيمة،كما قال عز وجل(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)[5]، قال أكثر المفسرين وهو قول حبر الأمة عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما (لا تنس نصيبك من الدنيا بأن تعمل فيها للآخرة ،وقال الشوكاني رحمه الله:(قال جمهور المفسرين وهو أن يعمل في دنياه لآخرته ، ونصيبُ الإنسان : عمرهُ وعملُه الصالح . قال الزجاج : معناه : لا تنس أن تعمل لآخرتك ، لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا الذي يعمل به لآخرته)[6]، والمعنى أن يستعين الإنسان بما رزقه الله من أمور الدنيا عل طاعة الله وبلوغ رضاه والدارالآخرة،ولا يفني عمره ويوهن بدنه في طلب الدنيا فإن ذلك يجر إلى حرمانه من عمره وما أعد الله له في الآخرة من الفضل العظيم.ولقد رأينا خلق كثير حملوا هذه الآية محمل المغالاة والخطأ،فأقبلوا على الدنيا إقبال الوحوش على الفرائس،منهكين بذلك أبدانهم وقواهم، مما حملهم على التقصير والضعف في طلب الآخرة،وضيعوا العمر النفيس،في طلب العمل الرخيص،فما يستيقظ أحدهم من سكرة الدنيا إلا وهو بين يدي الملائكة للخروج من الدنيا،وقليل ممن يتعظ ويعتبر.

والجوال بما يحمله من انفتاح كبير على العالم،وبما يتضمنه من برامج منها الغث ومنها السمين،ومنها النافع ومنها الضار،وإثمها أكبر من نفعها،والغالب أن النافع لا يزاوله إلا النذر اليسير من الناس.

وللجوال أضرار كثيرة،أكثر من أن تُحصى ،ولكننا نستخلص أهمها وأعظمها ضررا،ومن ذلك:

أضراره على الدين:     

من المعلوم أن الجوال له أضرار على الدين والعقيدة،بما يحمله من شهوات وشبهات وتشكيك للمسلم في دينه .فالعقيدة والتوحيد هي أساس الدين ولُبه،لا يقوم دين المرء إلا بها.والجوال له دور كبير في التأثير في العقيدة حينما يتعقب صاحبه المواقع المشبوهة،التي تبث السموم وتشكك في القرآن الكريم ،وفي بعثة سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام،وما جاء به من الحق من رب العالمين ،بأساليب خبيثة لا يفطن لها إلا من آتاه الله من العلم والحذر ما يدفع به تلك الشبهات،ويدحض به الشكوك.وأكثر من يقع في شَرَك تلك المواقع فئات من الشباب والفتيات الذين انخدعوا بزخارف الدنيا،وما يُمَنون به من الحريات والخروج من أجواء الكبت(على حد زعمهم) ،فما يحس أحدهم إلا وقد وقع في شَرَكِهم وانسلخ من دينه وعقيدته،واحتوته براثن الفساد حيث لا ينفع معها الإستدراك ولا الخلاص.

وكم من الفتيات والشباب من وقعوا في ذلك وأعلنوا خروجهم من دينهم وعقيدتهم،والسبب بداية الإستخدام السيء لجهاز الجوال،وانعدام المراقبة الذاتية والأسرية،والواقع شاهد حي على ما نقول.

وفي الجانب الآخر مع الصبية والأطفال إذ لا يقل خطر الجوال عليهم عن الكبار حيث أثبتت الدراسات والبحوث التي أُجرِيتْ في العديد من دول العالم حولَ الألعاب الإلكترونية: أنها تشكِّل خطرًا بالغًا على الأطفال، وأن لها آثارًا سلبية كبيرة، فهي تؤثِّر على مستواهم العقليِّ، وتحُدُّ من نشاطهم الحركي، وتَعزِلُهم عن محيطهم الاجتماعيِّ والعائلي، بالإضافة إلى تأثيرها البدنيِّ والنفسي، حتى وصل تأثيرها إلى الدين والعقيدة، وهو أخطرها على الإطلاق.

فهذه الألعاب لم يقتصر ضررُها على جانب معيَّن فقط، بل شمل جميع الجوانب، وتَعدَّى كلَّ الحدود، فكم نسمع في الصحف والمجلات من جرائمِ قتل بسبب لعبة معيَّنة، أو انتحار طفل متأثرًا بإحدى الألعاب التي تشجِّع على العنف والقتل! وكم هي حالات التشنجات العصبية، والاضطرابات العقلية، والشحنات الزائدة التي تصيب الأطفال الذين يُدمنون على لعبها، أو يقضون ساعاتٍ طويلة معها! وهذا كلُّه جانب يسيرٌ مما تُخفيهِ هذه الألعاب من أضرار، وما تحمله من دمار.

فحري بكل من ولاه الله رعية أن يتقي الله فيهم ،وأن يحفظ الأمانة التي أولاه الله إياها،وليحذر عقوبة الآخرة كما قال عزوجل(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[7]،قال الإمام العلامة عبدالعزيز ابن باز رحمه الله(إنما يقي العبد نفسه وأهله عذاب الله بالالتزام بالتقوى، والاستقامة على أمر الله، وترك محارم الله، وأن يقوم على أولاده، وأهل بيته وأقاربه، وخدمه الذين له سيطرة عليهم، وغير ذلك حتى يوصيهم بتقوى الله، و يأمرهم بتقوى الله، فعليك أيها المؤمن أن تقوم على نفسك وأن تجاهدها لله ، وهكذا أهل بيتك من زوجة وولد، من ذكر وأنثى، وأخوات وغيرهم ممن في بيتك من أهلك، تقوم عليهم، وتوجههم إلى الخير، وتلزمهم بأمر الله، وتكفهم عن محارم الله، وبهذا تقيهم عذاب الله، وهذه النار وقودها الناس والحجارة، فاحذر أن تكون من هؤلاء الناس أنت وأهلك)[8].

أضراره على الصلاة والمساجد:

أضراره على المساجد:

يُشكل الجوال ضررا كبيرا على المساجد وعلى المصلين،بل وتتأذى منه ملائكة الرحمن،فمنذ دخول العبد إلى المسجد ونفسه متعلقة بالجوال مع وجود التنبيهات التي تذكره بإغلاقه والتفرغ لمناجاة الله جل وعلا وتوثيق الصلة به،بل نجد الكثير من الناس منذ دخوله المسجد لا يعير اهتماما بالدخول ولا هيبة المكان،ولا يدخل الدخول الصحيح مع الدعاء والخشوع كما أرشد اليه النبي صلى الله عليه وسلم،بل يدخل كيفما اتفق،لا يُرى عليه أي نوع من الذلة والإخبات لله عز وجل،يدخل كدخوله السوق والمجالس وفي يده الجوال يتصل ويرد ويدير أعماله وبيته من داخل المسجد،لايعبأ براكع وعابد،ولا يكترث لخاشع وساجد وذاكر.

ومن الرزايا التي أصيبت بها المساجد صوت إبليس ورنته،نغمات الجوال التي يتفنن البعض باختيارها والترنم عليها،فأصبحت المساجد تعُج بانواع الموسيقى التي ضاقت بها الصدور ،ونفرت منها الملائكة،واهتزت بها صِلات المصلين بالله تعالى،وباتت المساجد وكأنها مسارح أو أسواق للأغاني،والأنكى من ذلك خُبُو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،الشعيرة التي قام بها الدين وحُفظت بها الأعراض ،وكُسِرت بها أمواج المنكرات،وأصبح الناس متبلدين الإحساس أمام هذا الإزعاج المُمل،والمظهر المُخل،وليعلم من يجترئ على إيذاء المسلمين في المساجد بهذه المنكرات فإنه آثم إثما كبيرا،ومحتمل بهتانا وإثما مبينا،كما قال عز وجل(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)[9]، وإذا كان هذا في إيذائهم في أعراضهم ،فكيف بإيذائهم وهم في بيت من بيوت الله يناجون مولاهم ويعبدونه آمنين خاشعين؟!!!.

ومن الحرمان والصَلَف أن تجد أحدهم يدخل المسجد لآداء الشعيرة ومناجاة من بيده مقاليد السموات والأرض،وما إن يؤدي سنة تحية المسجد،فبدلا من أن يدعوا الله ويناجيه ويستغفر ويذكر الله ويتلوا القرآن إلى أن تقام الصلاة،يعمد إلى الجوال ويكمل مشوار اللهو واللعب عبر اليوتيوب أو الواتس أو السناب أو غيرها وهذا والله هو عين الحرمان والصلف،بل قد رأينا من الناس بعد التسليم من الصلاة من يلعب بالجوال ويقلبه بدلا من أذكار الصلاة وآداء السنة ،ثم ما يلبث أن يسارع بالخروج من المسجد،فيا تُرى مثل هذا بما يخرج من المسجد؟؟.وبأي حال كان مع الله؟؟.

 

أضرار الجوال أثناء الصلاة:

المفترض على المسلم قبل الدخول إلى المسجد أن يغلق الجوال ،أو على الأقل يضعه على الوضع الصامت ويتفرغ للطاعة والعبادة، ولكن الملاحظ تهاون الكثير من المسلمين بهذا الأمر إلى أن تقوم الصلاة.فعندما يُسمع صوت الجوال من طرف الصف،يهب أكثر المصلين إلى الإمساك بجوالاتهم، أو العبث بجيوبهم وأذية من حولهم،منهم من يخرجه لينظر فيه،ومنهم من يُقلب أرقامه،وتناسوا رب السماوات والأرض الذي هم وقفون بين يديه،إظافة إلى التشويش والإزعاج لبقية المصلين،وهذا بلا شك إثم وأذية وبخس للوقت الذي هو حق لله،وامتهان للمكان الذي ما بني إلا لإقامة ذكر الله،والصلاة من أعلى مواطن الذكر لله عز وجل.

ونتساءل كثيرا ألهذا الحد أحدث هذا الجهاز الصغير كل هذا الهوس،والتلاعب بالعقول والعواطف والتفكير؟؟.

 

أضرار الجوال على البدن والمصالح والسلامة والأنفس والممتلكات:

أضراره على البدن:

إن الإسراف الممقوت في استخدام الجوال يُعد تهديدا محقق النتائج على البدن وأعضاء الجسد بما في ذلك الأعصاب والقلب والأوعية الدموية. ولقد أثبت الطب حديثا هذه الأضرار وحذر من الإفراط في استخدامه، والعاقل يكون مع الجوال بين التفريط والإفراط،فلا يستخدمه إلا لحاجة،وإذا استخدمه لأمر ملح فليختصر ما استطاع حفاظا عل وقته وعمره وصحته،فيكون بذلك قد جمع بين المصلحتين.

والإسراف في استخدام الجوال يؤثر سلبا على الرأس بما ينتج الصداع المستمر الذي لا تنفع معه أحيانا كثرة المهدآت،وقد صَنفت منظمة الصحة العالمية إشعاع الهاتف الخلوي على أنه (مادة مسرطنة محتملة للإنسان) وذلك لأنه يشكل خطرًا متزايدًا للإصابة بسرطان الدماغ،وقد وجدت دراسة لمدة عامين أجرتها هيئة الإشعاع والسلامة النووية في فنلندا أن تلف الأنسجة الدماغية يمكن أن يكون ناجما عن الإشعاع من الهواتف المحمولة،كما أن الإسراف في استخدامه يمكن أن يسبب الأورام،إلى غير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره من الأضرار،والنبي صلى الله عليه وسلم قد حرَّم الإضرار بالنفس والبدن بقوله( لا ضرر ولا ضرار )[10]، هذا الحديث حديث عظيم عليه مدار الإسلام، إذ يحتوي على تحريم سائر أنواع الضرر، ما قل منها وما كثر، بلفظ بليغ وجيز[11].

الإضرار بصحة القلب والأوعية الدموية، حيث إن الإشعاعات المنبعثة من الهاتف الجوال تؤثرعلى كرات الدم الحمراء الحاملة للهيموجلوبين وبالتالي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، وقد ذكر الأطباء المتخصصون في أمراض القلب أن الإشعاع الصادر من الهواتف المحمولة ليس جيدا على صحة القلب، حيث إن الطاقة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الهواتف المحمولة تسبب الأكسدة وتضعف أغشية الخلايا، كما أن الإشعاع المنبعث من الهواتف اللاسلكية، بما فى ذلك الهواتف النقالة، يسبب عدم انتظام ضربات القلب، وفقا لدراسة فى عام 2010 نشرت فى المجلة الأوروبية لعلم الأورام.

وأما ضرر الجوال على العين وعلى النظر ،فعلى الرغم من أن الهواتف المحمولة تصدر نفس النوع من الأشعة، إلا أن التعرض للضوء الأزرق والأشعة الصادرة عن الأجهزة الكهربائية قد يسبب العديد من الأضرار على البصر.

فمن أضراره عل العين،أنه يتم امتصاص معظم الأشعة الصادرة عن الهواتف المحمولة للشبكية مرورًا بالعدسة والقرنية، مما يسبب ضررًا على خلايا الشبكية ويسبب التنكس البقعي (Macular Degeneration) على المدى الطويل، مما يسبب مشكلات خطيرة في النظر.

ويُعد تقليل قدرة العين على الرؤية بعيدة المدى أو ما يعرف بقصر النظر (Nearsightedness) من أبرز أضرار الهاتف المحمول على العين وخاصة عند الأطفال، حيث يكون ضرر الضوء الأزرق أكبر على الأطفال، لأن أعينهم تعمل على امتصاص الضوء الأزرق بشكل أكبر.

ويسبب استخدام الهواتف المحمولة لساعات طويلة دون راحة زيادة فرصة حدوث العديد من مشكلات النظر، مثل: الساد، أو الماء الأبيض (Cataract)،وظهور الظفرة في العين (Pterygium)،وحدوث سرطان في الأنسجة البصرية.

ومن جهة أخرى يقل معدل رمش العيون في حال استخدام الهواتف المحمولة دون ملاحظة الشخص لذلك، مما يؤدي إلى إجهاد واحمرار العينين، وغباش الرؤية، وحدوث جفاف شديد أو ما يعرف بمتلازمة جفاف العين (Dry eye syndrome).[12]

ضرره على المصالح:

من المعلوم أن الجلوس الطويل على الجوال يُصيب الجسد بالتعب والخمول والكسل وتناثر آلام الجسم،وتبديد الوقت الكثير الذي تضيع معه مصالح كثيرة قد لا يُستدرك الكثير منها.فكثير ممن يُطيلون ويُسرفون في الجلوس على الجوال يشوبهم الندم على ضياع الأوقات وضياع المصالح،وانقضاء الكثير من العمر بلا فائدة تُذكر،وما أكثر النادمين والمتحسرين حيث لا يجلب لهم الندم سوى الآلام وأوجاع الفوات.والعاقل من استدرك أمره،وأخذ مما فات عظة وعبرة تقوده إلى حفظ ما تبقى من العمر،وطلب الله تعالى أن يغفر ما سلف،وأن يُحسن في القادم،ويسعى لحسن خاتمة تُرتجى تُطوى بها صحائفه،ويُغلق بها سجله،وينقلب إلى الله بخير ما يرجوا من أمل في الرحمة وبلوغ الجنان،والنجاة من النيران.

وكم ضيع الجوال من المصالح العامة والخاصة،فالموظف أو الموكل بتسيير وتسهيل مصالح الناس،ينزوي بمطالعة الجوال واستقبال التواصل والرد،وقد يستقبل رسائل للمشاهدة تستهويه،مما يضيع مصالح الناس ويعطل حقوقهم،وهذا مما لا يُجيزه الشرع ولا النظام،وأما ضياع الحقوق الخاصة كمصالح الوالدين والأهل والأبناء فحدث ولا حرج،والمحيط ينضح بما فيه من هذا النوع.

 

أضرار الجوال على السلامة والأنفس والممتلكات:

للجوال خطر عظيم على السلامة ،فكم من حوادث السير التي تسبب فيها الجوال،ذهب ضحيتها الكثير من الأنفس،وذلك بسبب استخدام الجوال أثناء القيادة والتركيز  عليه مما يُفقد قائد المركبة السيطرة حيال الأمور المفاجئة،مما يحدوا به إلى تصرف خاطئ يطال القريب والبعيد.

وكم من الحوادث والفواجع والمآتم التي تجرعها الكثير من العوائل والأفراد بسبب الإستخدام السيء للجوال!!! .

أما ضرره على الممتلكات،فكم من بيت احترق بسبب الجوال وشاحنه،وكم من حسد أتلف بسبب الجوال،وكم من مال تَلِف بسبب الجوال،والعاقل من اتعظ بالحوادث والكوارث،والسلامة لا يعدلها شيء.

 

أضرار الجوال على الكيان الإجتماعي:

للجوال تأثير سلبي كبير على الكيان الإجتماعي  والأسري وعلى الصلات الأسرية، وقد ساهم كثيرا في قطع الصلات،وتفريق الشمل،وقطع الأرحام، وتفريق الأسرة الواحدة والبيت الواحد، فترى الأسرة في منزل واحد تجتمع أجسادا في مجلس واحد،ولكنهم متفرقون في أحاديثم وتوجهاتهم، فالولد في الغرب،والبنت في الشرق ،وضاع الوالدان بين هذا وذاك،مجلس يخيم عليه الصمت،وينتفش فيه إبليس،ناشرا جنوده لخطف القلوب والأبصار والأفكار مبحرا بها في عالم الضياع،فلم يعد هناك من الأسرة إلا اسمها،بل لا مبالغة عندما نقول أن الأمر تطور إلى الأسوأ فصار الجمع على السفرة وكل واحد منهم إحدى يديه للأكل والأخرى تحمل الجوال للتجوال،في منظر يتفطر له القلب، فلا تسمع إسم الله يُذكر قبل الأكل ولا الحمد بعده .

والنتيجة الضياع والإرتكاس في ثنايا التغريب والتخبيب والتمرد،ويصبح الآباء والأمهات في وضع لا يُحسدون عليه،وقد يصل الأمر ببعض الأبناء والبنات من شدة التأثير والتخدير الفكري إلى الخروج من الإسلام،وقد حصل في الواقع ما يشهد بهذا الوضع المرير.

ويظاف إلى ذلك تعطل مشاركة أفراد الأسرة في دراسة المستجدات في حياتها واتخاذ القرارات،وتخلي كل فرد عن مسئولياته،ومن ثم تنهج الأسرة العشوائية في حياتها،وسوء التصرف في قراراتها.

ومن أبرز الآثار السلبية التي أدى لها الهاتف النقال، إذكاء روح العقوق عند الأبناء والبنات،وهو ما يسمى بالعقوق الصامت،وهو عدم الإلتفات إلى توجيهات الآباء والإمهات،والتبلد عن الإجابة عند الطلب والنداء،والتأخر عن قضاء حاجات الوالدين،بل والتأفف من ذلك ،وهذا يفوق ألماً العقوق الصريح المجاهر،ناسين أو متناسين قول المولى تبارك وتعالى(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)[13].

إن هذا الوضع بات طافيا على السطح،وظاهرة علنية مقلقة بات الآباء معها في حيرة وقلق شديدين،واضمحل البر إلا عند فئة قليلة من الأسر.

إن لكثير من الأباء والأمهات دور كبير في إخضاع الأبناء والبنات منذ سن مبكر للتقنيات العلمية،والأجهزة الإلكترونية،دون  تفقد المحتوى أو مراقبة التصرفات والسلوكيات،وإسلام الأبناء وهم في سن غض قابل للعجن والتكييف،ولذلك نرى الكثير من الأطفال على قارعة الطريق يحملون أجهزة الجوال الحديثة،وبطاقات الشحن للإنترنت،متوارين عن الأنظار يجولون في كل هابط وقبيح،في منظر يندى له الجبين ويتفطر له القلب،فيا ويح الأباء والأمهات بماذا يجيبون الله عند سؤالهم عن هذه الأمانات،ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله(كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ وهي مسؤولةٌ عنهم وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ)[14]،وحذر عليه الصلاة والسلام من غش الرعية وتضييعهم من دين الله والتربية الصحيحة فقال(ما مِنْ عبدٍ يسترْعيه اللهُ رعيَّةً ، يموتُ يومَ يموتُ ، وهوَ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ ، إلَّا حرّمَ اللهُ عليْهِ الجنَّةَ)[15].

كثرة الخيانات الزوجية:

سَهَّل الجوال ومهد الطريق أمام الخيانات الزوجية بتأثيره القوي على الكيان الأسري،إذ أتاح الفرصة للتعرف على أشخاص من أي مكان وفي أي زمان،وحدا بهم إلى سلوكيات خاطئة،وهذا التأثير أدى إلى تدمير علاقات أسرية بكثرة، كما أنه أدى إلى مشكلات عديدة،وأبرزها وعلى ذروتها الطلاق.

إن كثرة الإغراق في جهاز الجوال يُحدث فجوة أسرية بين الرجل وزوجته،مما يثير الشكوك واهتزاز الثقة بين الزوجين،ومن ثم تبدأ التساؤلات والمحاورات والمراقبات التي تصل أحيانا إلى إغلاق الأبواب أمام التفاهم والإقناع.

إن إغراق كل من الزوجين في مواقع التواصل والسوشيال ميديا كالفيس بوك والتك توك وغرف الدردشة وغيرها سبيل إلى الإنفصام الأسري وانفتاق عُرى الترابط الزوجية،وثوران الشكوك في القلوب،تنتهي بكوارث عظيمة في مقدمتها الخيانات الزوجية،والطلاق الذي يذهب ضحيته فلذات الأكباد،ونزع الثقة في الزوجين من قِبل الأهل والمجتمع.ولذلك نسمع من هذه الكوارث الشيء الكثير.ولذلك ومع هذه الثورة التقنية إن لم يكن لدى الزوجين المراقبة الذاتية والخوف من الله والدار الأخرة،فإن العلاج وخصوصا بعد الفوات لا يفيد.

 

الجوال وخطر المخزون:

تبادل الصور والمقاطع عبر الجوال والتساهل في ذلك أمر خطير يعطي فرصة سانحة لقراصنة المواقع وذئاب البشر لاستخدامها كورقة ضغط وابتزاز على الفتيات والشباب،وقد يقع في شركها الأزواج والزوجات ،وقد حصل من هذا كثير،ذهب ضحيته الكثير.

ولذلك يجب على الجميع وخصوصا الفتيات إفراغ الجوال من أي مخزون من الصور والمقاطع لهم أو لغيرهم،حفاظا على السمعة والدين ودرءا للمفاسد وحفظا للعِرض،وكم سمعنا ورأينا من فتيات وشباب ساءت سمعتهم وسمعة أسرهم،وبات الناس ينفرون ويحذرون منهم،والسبب هذا الجهاز الخطير وسوء استعماله.

الجوال والعين والحسد:

علاقة وطيدة بين الجوال والإصابة بالعين والحسد عن طريق ما يُعرض فيه من المظاهر والنعم والتفاخر والإسراف،وكلها سبيل لنفوذ العين والحسد في الأنفس والأرواح والأجساد،وقد يصعب علاج الكثير منها.وكم حذر العقلاء من ذلك ولكن عندما يغلب الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء تقع الكوارث.فالكثيرون عندهم مرض الهوس في استخدام الجوال بتصوير المآدب والمناسبات والنعم والزواجات وعقود القران والألبسة وغيرها ونشرها بين الأقارب والأصحاب والأقران،مما يُغري النفوس ويحقن القلوب والأنفس فتخرج منها السموم التي توقع بالأبدان وتسبب الخلافات وتشتت الأسر وتفرق الأزواج،ولا يستبين لهم الأمر إلا بعد فوات الأوان.فحري بكل عاقل أن يتنبه للأمر ويقدر له قدره،وينبه من ولاه الله أمرهم من الزوجات والأبناء بترك هذه العادات الممقوتة التي لا تأتي إلا بكل شر،والعاقل من يأخذ من الحوادث والوقائع عظة وعبرة(ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[16].

 

الجوال والرياء والسمعة:

علاقة وطيدة بين الجوال وصفات الرياء والسمعة التي يكون معها العمل هباء منثورا.

دأب الكثير من الناس اليوم إلى تعمد تصوير مناسباتهم واستقبالاتهم وتبرعاتهم،وتصوير أنفسهم بأشكال ومظاهر مختلفة،أو طلب تصويرهم وهم يعطون الصدقات لمحتاجيها،أو العون لمن يستحق العون، بما في ذلك من المن والأذى والذلة والإحراج لذوي الحاجة والمسكنة،وكل ذلك مبناه وظاهره الرياء والسمعة،وقد بين الله جل وعلا فضل صدقة وعطاء الخفاء بقوله(إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[17]،قال قتادة(كل مقبول إذا كانت النية صادقة، وصدقة السر أفضل)[18] ،ومن السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم القيامة(ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)[19].

ومن الرياء والسمعة ما يفعله الكثير من الناس عندما يزور مريضا أو قريبا أو رَحِما،فإنه يعمد إلى التصوير معه والتعليق على الزيارة ووضع المزور في حالة من الحرج،وقد لايرضى بتصويره ونشره بين الناس،وهذا من التعدي على خصوصياته،وفي هذا أيضا مَنٌّ وأذى ورياء وسمعة،وهذا لا يليق بالمسلم،لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما خَلُص لوجهه،والعاقل لا يقطع الفيافي والقفار لزيارة يرجوا ثوابها ثم يفسدها بلقطة جوال.

الجوال وتغيير خلق الله:

من المخاطر التي جلبها الجوال لكثير من الناس من الرجال والنساء وخصوصا في محيط الشباب والشابات،والتي أضرم نارها إبليس وجنوده،موضة تغيير خلق الله ،عن طريق برامج جاهزة في السناب والتك توك والفيس بك وغيرها،حيث يقوم المتلاعب بخلق الله عن طريق الفلاتر بتغير ملامح خلقته وصورته أو صورة غيره إلى ملامح حيوان أو شيطان،أو تزيين القبيح وتقبيح الجميل،وتغيير معالم الوجه والجسد بعمليات جراحية تجميلية ليس لها أي ضرورة تبيحها الشريعة، إما للمزاح والضحك والتسلية،وإما للخداع والغش والكيد،وهذا كله بلا شك حرام وهو من تغيير خلق الله المنهي عنه،وقد قال الله تعالى عن الشيطان وأخذه العهد على نفسه أن يضل من أطاعه من عباد الله(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا)[20]،ولو أن العلماء قالوا أن تغيير خلق الله في الآية هو تغيير الدين والفطرة، ووضع الوشم والتنمص والتفلج وغيرها ،إلا أنه يدخل فيه كذلك التغيير في الخِلْقة والشكل ومعالم الجسد،  قال الشيخ السعدي رحمه الله( (وهذا يتناول تغيير الخلقة الظاهرة بالوشم، والوشر والنمص والتفلج للحسن، ونحو ذلك مما أغواهم به الشيطان فغيروا خلقة الرحمن،تسخطا من خلقته، والقدح في حكمته واعتقاد أن ما يصنعون بأيديهم أحسن من خلقة الرحمن، وعدم الرضا بتقديره وتدبيره)[21].

ويقاس على ذلك ما استجد مما ذكرت سابقا من استخدام الجوال لتغيير ملامح الإنسان والزيادة فيها والنقصان،وهذا بلا شك مما يأمرهم به الشيطان ويزينه لهم ويهون أمره في أعينهم حتى يوقعهم في غضب الله وسخطه.والواجب الحذر من ذلك.  

الجوال وترف التصوير:

ومما جلب الجوال وسهل ارتكابه، الإسراف في التصوير لذوات الأرواح دون حاجة أو ضرورة،ونشرها بين الناس،والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك بأحاديث عامة،ولو أن من أهل العلم من فَصَّل في ذلك فأجاز نوعا وحرم آخر كالشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله،ومنهم من أجاز للدعوة إلى الله وللضرورات وغير ذلك، لكن الكثير من الناس أسرفوا وأوغلوا في ذلك كثيرا دون حاجة،قال الإمام ابن باز رحمه الله(المقصود أن التصوير منكر وممنوع إلا إذا دعت إليه الضرورة فالإنسان يعتبر حينئذ في حال الضرورة كالمكره، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون وقال: من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم.

ولا فرق بين الصورة المجسمة المصنوعة بالآلة أو باليد وبين الصورة المرسومة بالكاميرا كلها داخلة في الحديث وكلها ممنوعة إلا للضرورة التي تقدمت الإشارة إليها)[22].

دور الجوال في إذكاء روح الغيبة والنميمة والإفساد والشائعات:

الجوال من أسرع طرق نشر الغيبة والنميمة والإفساد بين الناس عامة وبين الأقارب والأرحام خاصة ونشر الشائعات التي لا أساس لها من الصحة لإثار القلق والفتن بين الناس ،وكم من قطيعة رحم قامت بسبب الجوال،وكم من مشاكل وصل الكثير منها إلى حد القتل وإراقة الدماء بسبب الجوال،وكم من فساد ذات البين أشعلها الجوال،وكم مصائب أسرية وعلاقات زوجية أثارها الجوال،وكم من قطيعة وسوء فهم وتألب قلوب على بعضها تسبب فيها الجوال، وكم من فتنة وشائعة أشعلها الجوال ،ومع الأسف الشديد لا زال الكثيرون ماضون في هذا الدمار بلا خوف ولا وجل من الله،غيبة ونميمة ووقوع في أعراض الناس،وأكل للحومهم،والله جل وعلا قد حرم ذلك،وضرب له بمثل تقشعر منه الأبدان وتشيب له الرؤوس،فقال عز وجل(ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ

رَّحِيمٌ )[23] ،سبحان الله من يستطيع أكل لحم الميت وهو ميت فكيف يأكل لحمه وهو حي،يقول الإمام الطبري رحمه الله( كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدوّدة أن تأكل منها, فكذلك فاكره غيبته وهو حيّ)[24].فليتق الله كل مسلم ولا يجعل من الجوال وسيلة لهلاكه في الدنيا والآخرة.

والكلام عن الجوال خاصة وعن التقنية عامة يطول،ولكن لعل فيما تقدم من وقائع الجوال والتحذير منه مفاتيح للوصول إلى ما وراء ذلك من مآسي هذا الجهاز والحذر منه.والمقصود أن على المسلم أن يتقي الله عز وجل وليعلم أن الله يعلم السر وأخفى،وليستخدم هذا الجهاز فيما صُنع له من المنافع والبعد عن المفاسد التي تفسد عليه دينه وعقيدته وإيمانه.هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[1] سورة إبراهيم 34.

[2] رواه مسلم.

[3] سورة الذاريات 56.

[4] تفسير ابن كثير ص 523.

[5] سورة آية 77.

[6] تفسير الطبري ص 394.

[7] سورةالتحريم 6.

[8] موقع ابن باز الإلكتروني الرسمي.

[9] سورة الأحزاب 58.

 [10] رواه ابن ماجه.

[11] الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (302).

[12] وللمزيد ينظر https://www.webteb.com/

[13] سورة الإسراء 23-24.

[14] رواه البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن عمر  رضي الله عنهما.

[15] رواه البخاري ومسلم من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه.

[16] سورة التحريم 6.

[17] سورة البقرة 271.

[18] تفسير الإمام الطبري ص 46.

[19] متفق عليه .

[20] سورة النساء 119.

[21] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 204.

[22] الموقع الرسمي لسماحته رحمه الله.

[23] سورة الحجرات 12.

[24] تفسير الطبري ص 517.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *