الشرح الممتع على زاد المستقنع…للشيخ ابن عثيمين رحمه الله…. د. ناجي بن وقدان

 

بابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ:

أتى به المؤلِّف بعد صِفَةِ الوُضُوء لأنه حُكمٌ يتعلَّق بأحد أعضاء الوُضُوء. وذكر المؤلِّفُ في هذا الباب المسحَ على العِمَامة، والجبيرةِ، والخِمَارِ، والخُفَّيْنِ، فكان مشتملاً على أربعة مواضيع.

والخُفَّان: ما يُلبَسُ على الرِّجل من الجلود، ويُلْحَقُ بهما ما يُلبَسُ عليهما من الكِتَّان، والصُّوف، وشبه ذلك من كُلِّ ما يُلبَسُ على الرِّجْل مما تستفيدُ منه بالتسخين، ولهذا بعث النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم سريةً وأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتَّسَاخين (رواه أحمد 5/ 277).

أي: الخِفَاف، وسُمِّيتْ: «تساخين»، لأنَّها تُسَخِّنُ الرِّجْلَ.والمسح على الخفين جائزٌ باتفاق أهل السُّنَّةِ.وخالفَ في ذلك الرَّافضةُ؛ ولهذا ذكره بعضُ العلماءِ في كتب العقيدةِ لمخالفةِ الرافضة فيه (شرح العقيدة الطحاوية (2/ 551، 555) حتى صار شعاراً لهم،وهو جائز بالكتابِ والسُّنَّةِ والإِجماعِ.أما من الكتاب فقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] على قراءة الجرِّ.وأما من السُّنَّة فقد تواترت الأحاديثُ بذلك عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم.

قال النَّاظم:

ممَّا تواتر حديثُ مَنْ كَذَب ومَنْ بَنَى لله بيتاً واحتسب….ورؤيةٌ شفاعةٌ والحوض ومسحُ خُفَّين وهذي بعض

قال الإمام أحمد رحمه الله: ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثاً عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم (لمغني» (1/ 360)، أي: ليس في قلبي أدنى شَكٍّ في الجواز.

وأما الإجماع فقد أجمع أهلُ السُّنَّة على جواز المسح على الخُفَّين في الجملة.

يَجُوزُ لمقيمٍ يوماً وليلةً ……….

قوله: «يجوزُ لمقيمٍ يوماً وليلةً»، عبَّر،بالجواز، فهل الجوازُ مُنْصَبٌّ على بيان المدَّة، أو على بيان الحكم؟إن كان على بيان المدَّة فلا إِشكال فيه، يعني: أن الجواز متعلِّق بهذه المدَّة.وإِن كان مُنْصَباً على بيان الحكم فقد يكون فيه إِشكال، وهو أنَّ المسحَ على الخُفَّين للابسهما سُنَّةٌ، وخلْعُهما لغسلِ الرِّجلِ بدعة خلاف السُّنَّة.

لكن قد يُجابُ عن هذا الإشكال بأن نقول: إِن المؤلِّفَ عبَّر بالجواز دفعاً لقول من يقول بالمنع، وهذا لا يُنافي أن يكون مشروعاً، والعلماءُ يعبِّرون بما يقتضي الإِباحة في مقابلة من يقول بالمنع، وإن كان الحكم عندهم ليس مقصوراً على الجواز، بل هو إِما واجب، أو مستحبٌّ.

ونظيرُ ذلك: قول بعضهم: ولمن أحرم بالحجِّ مفرداً ولم يُسقِ الهدي أن يفسخه لعمرة ليكونَ متمتِّعاً (الإقناع (1/ 563).

فالتعبير باللام الدالَّة على الجواز في مقابل من منع ذلك؛ لأنَّ بعض العلماء يقول بعدم الجواز؛ لأن هذا من إبطال العمل.

وقوله: «لمقيم» يشمل المستوطن والمقيمَ؛ لأن الفقهاء رحمهم الله يرون أن النَّاس لهم ثلاث حالات:

إحداها: الإقامة.

الثانية: الاستيطان.

الثالثة: السَّفر.

ويُفرِّقون في أحكام هذه الأحوال.

والصَّحيح: أنَّه ليس هناك إلا استيطان أو سفر، وهذا اختيار شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى (14/ 136، 139)، وأن الإقامة باعتبارها قسماً ثالثاً ينفرد بأحكام خاصَّة لا توجد في الكتاب، ولا في السُّنَّة.

والإِقامة عند الفقهاء: هي أن يقيمَ المسافرُ إقامةً تمنع القصْرَ ورُخَصَ السَّفرِ؛ ولا يكون مستوطناً، وعلى هذا فإِنه مقيم، فلا

تنعقد به الجمعةُ، ولا تجب عليه؛ أي: بنفسه، ولا يكون خطيباً، ولا إماماً فيها، حتى لو أراد أن يقيم سنتين، أو ثلاثاً.

والمستوطنُ: الذي اتَّخَذَ البلدَ وطناً له.

وحكم المقيم في المسح على الخُفَّين كحكم المستوطن، كما أنَّ حكمه كحكم المستوطن في وجوب إِتمام الصَّلاة، وفي تحريم الفِطْرِ في رمضان، لكن ليس هو كالمستوطن في مسألة الجمعة، فلا تجب عليه بنفسه، ولا يكون إِماماً فيها، ولا خطيباً، وحينئذٍ يكون في مرتبة بين مرتبتين، ولا دليل على هذه المرتبة.

وقوله: «يوماً وليلة» لحديث عليٍّ رضي الله عنه قال: «جعل النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن»، أخرجه مسلم .

وهذا نَصٌّ صريحٌ بَيِّنٌ مُفَصَّلٌ.

ولمسافرٍ ثلاثةً بلَيَالِيها من حَدَثٍ بَعْدَ لُبْسٍ ………..

قوله: «ولمسافر ثلاثةً بلياليها»، إطلاقُ المؤلِّف رحمه الله يشمل السَّفر الطَّويل والقصير.

ويشمل سفرَ القَصر وغيره؛ لأن هناك سفراً طويلاً لكن لا يُقْصَر فيه كالسَّفر المحرَّم، أو المكروهِ على المذهبِ، كمن سافر لشُرب الخمر أو الاستمتاع بالبغايا.

والمذهب: أنَّ السَّفر هنا مُقيَّدٌ بالسَّفر الذي يُباحُ فيه القَصرُ، ولعلَّه مراد المؤلِّف رحمه الله.

قوله: «من حَدَثٍ بعد لُبْسٍ»، من: للابتداء، يعني: أنَّ ابتداءَ

المدَّةِ سواءٌ كانت يوماً وليلة؛ أم ثلاثة أيَّام، من الحَدَث بعد اللبس، وهذا هو المذهب؛ لأنّ الحَدَثَ سببُ وجوب الوُضُوء فعلَّق الحكم به، وإِلا فإنَّ المسحَ لا يتحقَّقُ إلا في أوَّل مرَّة يمسحُ.

ونظيرُ هذا قولُهم في بيع الثِّمار: إذا باع نخلاً قد تشقَّقَ طَلْعُهُ فالثَّمر للبائع؛ مع أن الحديث: «من باع نخلاً قد أُبِّرتْ … » (رواه البخاري)، لكن قالوا: إِن التشقُّقَ سببٌ للتَّأبير فأُنيط الحكم به (كشاف القناع (1/ 279).

والذي يمكن أن يُعلِّق به ابتداء المُدَّة ثلاثة أمور:

الأول: حال اللُّبس.

الثاني: حال الحَدَث.

الثالث: حال المسح.

أما حال اللِّبس، فلا تبتدئ المدَّة من اللِّبس قولاً واحداً في المذهب، وأما حال الحَدَث فالمذهبُ: أن المدَّة تبتدئُ منه.

والقول الثاني: تبتدئُ من المسح (الإنصاف (1/ 400)؛ لأنَّ الأحاديث: «يمسح المسافرُ على الخفين ثلاث ليال، والمقيم يوماً وليلة» (رواه أحمد) … إلخ، ولا يمكن أن يَصْدُقَ عليه أنَّه ماسح إِلا بفعل المسح، وهذا هو الصَّحيح.

ويدلُّ له أن الفقهاء أنفسهم ـ رحمهم الله ـ قالوا: لو أن رجلاً لبس الخُفَّين وهو مقيمٌ؛ ثم أحدثَ؛ ثم سافر؛ ومسحَ في السَّفَر أوَّل مرَّة، فإنه يُتِمُّ مسح مسافر (الإنصاف (1/ 404). وهذا يدلُّ على أنَّه يعتَبر ابتداء المدَّة من المسح وهو ظاهرٌ.

فالصَّوابُ: أن العِبْرَةَ بالمسح وليس بالحَدَثِ.

مثال ذلك: رجلٌ توضَّأ لصلاة الفجر ولبس الخُفَّين، وبقي على طهارته إلى السَّاعة التَّاسعة ضُحى، ثم أحدث ولم يتوضَّأ، وتوضأ في السَّاعة الثانية عشرة، فالمذهب: تبتدئ المُدَّةُ من السَّاعة التَّاسعة.

وعلى القول الرَّاجح: تبتدئ من السَّاعة الثَّانية عشرة إلى أن يأتي دورها من اليوم الثَّاني إِن كان مقيماً، ومن اليوم الرَّابع إن كان مسافراً.

فالمقيمُ أربعٌ وعشرون ساعةً، والمسافر اثنتان وسبعون ساعةً.

وأما قول العامَّة: إنَّ المدَّة خمسُ صلوات فهذا غير صحيح؛ لأنَّ الإِنسانَ قد يُصلِّي أكثر من ذلك ومُدَّة المسح باقية وهو مقيم، كما لو لبس الخُفَّين لصلاة الفَجر، وبقي على طهارته إِلى أن صَلَّى العشاء، فهذا يوم كامل لا يُحسب عليه؛ لأن المدَّة قبل المسح أوَّل مرَّة لا تُحسَبُ، فإذا مسح من الغَدِ لصلاة الفجر، فإِذا بقيَ على طهارته إلى صلاة العشاء من اليوم الثالث، فيكون قد صَلَّى خمس عشرة صلاة وهو مقيمٌ.

على طَاهِرٍ ………

قوله: «على طاهر»، هذا هو الشَّرط الثَّاني من شُروطِ صِحَّةِ المسحِ على الخُفَّين، وهو أن يكونَ الملبوس طاهراً.والطَّاهر: يُطلَقُ على طاهر العين، فيخرج به نجس العين.وقد يُطْلَقُ الطَّاهرُ على ما لم تُصبْه نجاسةٌ، كما لو قلت: يجب عليك أن تُصلِّيَ بثوبٍ طاهر، أي: لم تُصبْه نجاسةٌ.

والمراد هنا طاهر العين؛ لأن من الخِفَاف ما هو نجس العين كما لو كان خُفَّا من جلد حمار، ومنه ما هو طاهر العين لكنَّه متنجِّس؛ أي: أصابته نجاسة، كما لو كان الخُفُّ من جلد بعيرٍ مُذكَّى لكن أصابته نجاسة، فالأوَّل نجاسته نجاسة عينيَّة؛ والثَّاني نجاسته نجاسة حُكميَّة، وعلى هذا يجوز المسح على الخُفِّ المتنجِّس، لكن لا يُصلِّي به، لأنه يُشترط للصَّلاة اجتناب النَّجاسة.

وفائدة هذا أن يستبيح بهذا الوُضُوء مسَّ المصحف؛ لأن لا يُشترط للَمْسِ المصحف أن يكون متطهِّراً من النَّجاسة، ولكن يُشترط أن يكون متطهِّراً من الحدث.أما لو اتَّخذ خُفًّا من جلد ميتة مدبوغ تحلُّ بالذَّكَاة، فإِن هذا ينبني على الخلاف :إن قلنا: لا يطهرُ ـ وهو المذهبُ ـ لم يَجُز المسح عليه.وإن قلنا: يطهُر بالدَّبغ جازَ المسحُ عليه.

ووجه اشتراط الطَّهارة: أن المسحَ على نجس العين لا يزيدُه إلا تلويثاً، بل إن اليد إذا باشرت هذا النَّجسَ وهي مبلولةٌ تنجَّست.

وربما يُؤخَذُ من قول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «فإِنِّي أدخلتُهما طاهرتين» (رواه البخاري).

لكن معنى الحديث أدْخَلتُهما، أي: القدمين طاهرتين، كما يفسِّره بعض الألفاظ (رواه أبو داود).

مُبَاحٍ …………..

قوله: «مباحٍ»، احترازاً من المحرَّم، هذا هو الشَّرط الثَّالث، والمحرَّم نوعان:

الأول: محرَّم لكسبه كالمغصوب، والمسروق.

الثاني: محرَّم لعينه كالحرير للرَّجُلِ، وكذا لو اتَّخَذ «شُرَاباً» (وهو الجورب) فيها صُور فهذا محرَّمٌ، ولا يُقال: إِن هذا من باب ما يُمتهن؛ لأنَّ هذا من باب اللباس، واللباس الذي فيه صُورٌ حرام بكلِّ حال، فلو كان على «الشُّراب» صورةُ أسدٍ مثلاً فلا يجوز المسح عليه.وكلا هذين النوعين لا يجوز المسحُ عليهما.

ولا نعلم دليلاً بيِّنا على ذلك.وأما التَّعليل: فلأنَّ المسح على الخُفَّين رُخْصَة، فلا تُستباحُ بالمعصية؛ ولأن القول بجواز المسح على ما كان محرَّماً مقتضاه إقرار هذا الإنسان على لبس هذا المحرَّم، والمحرَّم يجب إِنكاره.

وربما نقول: بالقياس على بطلان صلاة المُسْبِلِ ،إن صحَّ الحديثُ ـ فإِن المُسْبِلَ تبطل صلاتُه، لأنَّه لبس ثوباً محرَّماً، فإِذا فسدت الصَّلاةُ بلبس الثَّوب المحرَّم؛ فإنَّ المسح أيضاً يكون فاسداً بلبس الخُفِّ المحرَّم.

ساتِرٍ للمفْرُوضِ، ………….

قوله: «ساترٍ للمفْروضِ»، أي: للمفْروض غسلُه من الرِّجْلِ، وهذا هو الشَّرط الرابع، فيُشترَط لجواز المسح على الخُفَّين أن يكون ساتراً للمفروض.

ومعنى «ساتر» ألا يتبيَّنَ شيءٌ من المفروض من ورائه؛ سواءٌ كان ذلك من أجل صفائه، أو خفَّته، أو من أجل خروق فيه.

لأنَّه إِذا كان به خُروقٌ بانَ من ورائه المفروضُ، فلا يصحُّ المسحُ عليه حتى قال بعض أهل العلم ـ وهو المشهور من المذهب ـ: لو كان هذا الخَرْقُ بمقدار رأس المخراز.

والتَّعليل: أن ما كان خفيفاً أو به خُروق، فإِن ما ظَهَرَ؛ فَرْضُهُ الغُسْل، والغُسْل لا يجامعُ المسحَ، إِذ لا يجتمعان في عضوٍ واحد.

وأمَّا ما يصف البشرة لصفائه؛ فلأنه يُشترَطُ السَّتر وهذا غير ساترٍ، بدليل أن الإِنسان لو صلَّى في ثوب يصف البشرةَ لصفائه فصلاتُه باطلةٌ.

وذهب الشافعيةُ إِلى: أنَّ ما لا يَسْتُرُ لصفائه يجوز المسحُ عليه (المجموع شرح المهذب (1/ 503)، لأنَّ محلَّ الفرض مستورٌ لا يمكن أن يصل إِليه الماء، وكونُه تُرى من ورائه البشرةُ لا يضرُّ، فليست هذه عورة يجب سترها حتى نقول: إن ما يصف البشرة لا يصحُّ المسح عليه.وليس في السُّنَّة ما يدلُّ على اشتراط ستر الرِّجْل في الخُفِّ.وهذا تعليل جَيّدٌ من الشَّافعية.

وقال بعض العلماء: إنه لا يُشترطُ أن يكون ساتراً للمفروض (الإنصاف (1/ 405).

واستدلُّوا: بأن النُّصوص الواردةَ في المسح على الخُفَّين مُطْلَقةٌ، وما وَرَدَ مُطْلَقاً فإنه يجب أن يبقى على إِطلاقه، وأيُّ أحد من النَّاس يُضيف إِليه قيداً فعليه الدَّليل، وإلا فالواجب أن نُطلق ما أطلقه اللَّهُ ورسولُه، ونقيِّد ما قيَّده الله ورسولُه.

ولأن كثيراً من الصَّحابة كانوا فُقَراء، وغالب الفُقراء لا تخلو خفافهم من خُرُوق، فإذا كان هذا غالباً أو كثيراً من قوم في عهد الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ ولم ينبِّه عليه الرَّسولُ صلّى الله عليه وسلّم، دَلَّ على أنَّه ليس بشرط. وهذا اختيار شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى (21/ 173، 212).

وأما قولهم: إِنَّ ما ظَهَرَ؛ فرضُه الغُسْلُ، فلا يجامع المسحَ، فهذا مبنيٌّ على قولهم: إِنه لا بُدَّ من ستر المفروض، فهم جاؤوا بدليل مبنيٍّ على اختيارهم، واستدلُّوا بالدعوى على نفس المُدَّعَى، فيُقال لهم: مَنْ قال: إِنَّ ما ظَهَرَ؛ فرضُه الغُسْل؟

بل نقول: إِن الخُفَّ إِذا جاء على وفق ما أطلقتْه السُّنَّةُ؛ فما ظَهَرَ من القدم لا يجب غسْلُه، بل يكون تابعاً للخُفِّ، ويُمسحُ عليه.

وأما قولهم: لا يجتمع مسحٌ وغُسْلٌ في عضو واحد، فهذا مُنتقضٌ بالجَبيرة إِذا كانت في نصف الذِّراع، فالمسحُ على الجبيرة، والغُسْلُ على ما ليس عليه جبيرة، وعلى تسليم أنَّه لا بُدَّ من ستر كُلِّ القدم نقول: ما ظهر يُغسَلُ، وما استتر بالخُفِّ يُمسحُ كالجبيرة، ولكن هذا غيرُ مُسلَّم، وما اختاره شيخ الإسلام هو الرَّاجح؛ لأن هذه الخفاف لا تسلم غالباً من الخروق، فكيف نشقُّ على النَّاس ونلزمُهم بذلك. ثم إِن كثيراً من النَّاس الآن يستعملون جواربَ خفيفة، ويرونَها مفيدةً للرِّجْل، ويحصُل بها التَّسخينُ، وقد بعث النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم سريةً، فأصابهم البردُ، فأمرَهم أن يمسحوا على العصائب (يعني العمائم) والتَّساخين (يعني الخِفَاف) ، والتَّساخين هي الخِفاف؛ لأنها يُقصد بها تسخينُ الرِّجل، وتسخينُ الرِّجْل يحصُلُ من مثل هذه الجوارب.

إذاً؛ هذا الشَّرط محل خلاف بين أهل العلم، والصَّحيحُ عدم اعتباره.          (233)

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *