عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي ، أمير المؤمنين ، أبو حفص القرشي العدوي ، الفاروق رضي الله عنه .
استشهد في أواخر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، وأمه حنتمة بنت هشام المخزومية أخت أبي جهل ، أسلم في السنة السادسة من النبوة وله سبع وعشرون سنة .
روى عنه : علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعدة من الصحابة ، وعلقمة بن وقاص ، وقيس بن أبي حازم ، وطارق بن شهاب ، ومولاه أسلم ، وزر بن حبيش ، وخلق سواهم .
وعن عبد الله بن عمر قال : كان أبي أبيض تعلوه حمرة ، طوالا ، أصلع ، أشيب .
وقال غيره : كان أمهق ، طوالا ، أصلع ، آدم ، أعسر يسر .
وقال أبو رجاء العطاردي : كان طويلا جسيما ، شديد الصلع ، شديد الحمرة ، في عارضيه خفة ، وسبلته كبيرة ، وفي أطرافها [ ص: 72 ] صهبة ، إذا حزبه أمر فتلها .
وقال سماك بن حرب : كان عمر أروح ، كأنه راكب والناس يمشون ، كأنه من رجال بني سدوس . والأروح : الذي يتدانى قدماه إذا مشى .
وقال أنس : كان يخضب بالحناء .
وقال سماك : كان عمر يسرع في مشيته .
ويروى عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : كان عمر يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ويثب على فرسه فكأنما خلق على ظهره .
وعن ابن عمر وغيره من وجوه جيدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب ” وقد ذكرنا إسلامه في ” الترجمة النبوية ” .
وقال عكرمة : لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر .
وقال سعيد بن جبير : وصالح المؤمنين [ التحريم ] نزلت في عمر خاصة .
وقال ابن مسعود : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر .
وقال شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أبو بكر وعمر : إن الناس يزيدهم حرصا على الإسلام أن يروا عليك زيا حسنا من الدنيا . فقال : ” أفعل ، وايم الله لو أنكما تتفقان لي على أمر واحد ما عصيتكما في مشورة أبدا ” .
وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال [ ص: 73 ] رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : إن لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض ، فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل ، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر . وروي نحوه من وجهين عن أبي سعيد الخدري .
قال الترمذي في حديث أبي سعيد : حديث حسن .
قلت : وكذلك حديث ابن عباس حسن .
وعن محمد بن ثابت البناني ، عن أبيه ، عن أنس نحوه .
وفي ” مسند أبي يعلى من حديث أبي ذر يرفعه : ” إن لكل نبي وزيرين ، ووزيراي أبو بكر وعمر ” .
وعن أبي سلمة ، عن أبي أروى الدوسي ، قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلع أبو بكر وعمر ، فقال : ” الحمد لله الذي أيدني بكما ” . تفرد به عاصم بن عمر ، وهو ضعيف .
وقد مر في ترجمة الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى أبي بكر وعمر مقبلين ، فقال : ” هذان سيدا كهول أهل الجنة ” الحديث .
وروى الترمذي من حديث ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم فدخل المسجد ، وأبو بكر وعمر معه وهو آخذ بأيديهما ، فقال : ” هكذا نبعث يوم القيامة ” . إسناده ضعيف .
[ ص: 74 ] وقال زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ” .
ورواه سالم أبو العلاء – وهو ضعيف – عن عمرو بن هرم ، عن ربعي . وحديث زائدة حسن .
وروى عبد العزيز بن المطلب بن حنطب ، عن أبيه ، عن جده قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر ، فقال : ” هذان السمع والبصر ” .
ويروى نحوه من حديث ابن عمر وغيره .
وقال يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ” أقرئ عمر السلام ، وأخبره أن غضبه عز وجل ورضاه حكم ” . المرسل أصح ، وبعضهم يصله عن ابن عباس .
وقال محمد بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إيها يا ابن الخطاب فوالذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك ” .
وعن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الشيطان يفرق من عمر ” . رواه مبارك بن فضالة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن القاسم ، عنعائشة .
وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في زفن الحبشة لما أتى عمر : ” إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس فقد فروا من عمر ” . صححه الترمذي.
[ ص: 75 ] وقال حسين بن واقد : حدثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رجع من غزاة ، فقالت : إني نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب عندك بالدف ، قال : ” إن كنت نذرت فافعلي فضربت ” فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل عمر فجعلت دفها خلفها وهي مقعية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الشيطان ليفرق منك يا عمر ” .
وقال يحيى بن يمان ، عن الثوري ، عن عمر بن محمد ، عن سالم بن عبد الله قال : أبطأ خبر عمر على أبي موسى الأشعري ، فأتى امرأة في بطنها شيطان فسألها عنه ، فقالت : حتى يجيء شيطاني ، فجاء فسألته عنه ، فقال : تركته مؤتزرا ، وذاك رجل لا يراه شيطان إلا خر لمنخريه ، الملك بين عينيه ، وروح القدس ينطق بلسانه ” .
وقال زر : كان ابن مسعود يخطب ويقول : إني لأحسب الشيطان يفرق من عمر أن يحدث حدثا فيرده ، وإني لأحسب عمر بين عينيه ملك يسدده ويقومه .
وقالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن الخطاب ” . رواه مسلم .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله وضع الحق على لسان عمر وقلبه ” . رواه جماعة عن نافع ، عنه . وروي نحوه عن [ ص: 76 ] جماعة من الصحابة .
وقال الشعبي : قال علي رضي الله عنه : ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر .
وقال أنس : قال عمر : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي قوله : عسى ربه إن طلقكن [ التحريم ] .
وقال حيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن مشرح ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لو كان بعدي نبي لكان عمر” .
وجاء من وجهين مختلفين عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله ؛ صلى الله عليه وسلم : ” إن الله باهى بأهل عرفة عامة ، وباهى بعمر خاصة ” .
ويروى مثله عن ابن عمر ، وعقبة بن عامر .
وقال معن القزاز : حدثنا الحارث بن عبد الملك الليثي ، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبيه ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن أخيهالفضل ، قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” الحق بعدي مع عمر حيث كان ” .
وقال ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” بينا أنا نائم أتيت [ ص: 77 ] بقدح من لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر ” . قالوا : فما أولت ذلك ؟ قال : ” العلم ” .
وقال أبو سعيد : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص ، منها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما يبلغ دون ذلك ، ومر علي عمر عليه قميص يجره ” . قالوا : ما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : ” الدين ” .
وقال أنس : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله عمر ” .
وقال أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” دخلت الجنة فرأيت قصرا من ذهب فقلت : لمن هذا ؟ فقيل : لشاب من قريش ، فظننت أني أنا هو ، فقيل : لعمر بن الخطاب ” .
وفي الصحيح أيضا من حديث جابر مثله .
وقال أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” بينما أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة توضأ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر ، فذكرت غيرة عمر ، فوليت مدبرا ” . قال : فبكى عمر ، وقال : بأبي أنت يا رسول الله أعليك أغار ؟
[ ص: 78 ] وقال الشعبي وغيره : قال علي رضي الله عنه : بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر ، فقال : ” هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين ، لا تخبرهما يا علي ” .
هذا الحديث سمعه الشعبي من الحارث الأعور ، وله طرق حسنة عن علي منها : عاصم ، عن زر . وأبو إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة . قال الحافظ بن عساكر : والحديث محفوظ عن علي رضي الله عنه .
قلت : وروي نحوه من حديث أبي هريرة ، وابن عمر ، وأنس ، وجابر .
وقال مجالد ، عن أبي الوداك ، وقاله جماعة عن عطية كلاهما عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن أهل الدرجات العلا ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء ، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما ” .
وعن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وعن يمينه أبو بكر وعن يساره عمر ، فقال : ” هكذا نبعث يوم القيامة ” . تفرد به سعيد بن مسلمة الأموي ، وهو ضعيف عن إسماعيل .
وقال علي رضي الله عنه بالكوفة على منبرها في ملأ من الناس أيام خلافته : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ، وخيرها بعد أبي بكر عمر ، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميته . وهذا متواتر عن علي [ ص: 79 ] رضي الله عنه ، فقبح الله الرافضة .
وقال الثوري ، عن أبي هاشم القاسم بن كثير ، عن قيس الخارفي ، قال : سمعت عليا يقول : سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر ، وثلث عمر ، ثم خبطتنا فتنة فكان ما شاء الله . ورواه شريك ، عن الأسود بن قيس ، عن عمرو بن سفيان ، عن علي مثله .