الحديث الخامس: من أحدث في أمرنا هذا…..

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .

هي الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق رضي الله عنهما، أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، وكانت من أحب نسائه إليه صلى الله عليه وسلم بعد خديجة رضي الله عنها، لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بِكرًا غيرها، وكانت تصوم الدهر، صاحبة كرم وزهد، وفقه وعلم، وحفظ وفصاحة، قال الذهبي: هي أفقه نساء الأمة على الإطلاق، وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: (ما أشكل علينا حديث قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا)، وقال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وجميع علم النساء كان علم عائشة أكثر، روي لها 2210 أحاديث، توفيت بالمدينة وعمرها ست وستون سنة، ودفنت بالبقيع سنة 85 هـ رضي الله عنها(الإصابة 4/ 359).

هذا الحديث العظيم أصل من أصول الإسلام وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث (الأعمال بالنيات) ميزان للأعمال في باطنها ، وفيه بيان لحد البدعة والأثر المترتب عليها والتحذير منها ، ولذلك قال العلماء ،قال ابن حجر العسقلاني – رحمه الله -: هذا الحديث معدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، وقال: يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع (فتح الباري (5/ 357).

 قال النووي – رحمه الله -: إنه قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وإنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه صريح في رد البدع والمختَرَعات، وهو مما يعتنى بحفظه واستعماله في إبطال المنكرات (شرح مسلم للنووي (2/ 15).

 

قال ابن حجر الهيتمي – رحمه الله -: هو قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، بل من أعظمها وأعمها نفعًا من جهة منطوقه؛ لأنه مقدمة كلية في كل دليل يستنتج منه حكم شرعي (فتح المبين 96).

{من أحدث} أي من فعل أمرا أو فعلا ، أو أوجد شيئا في الشرع أو الدين.

{في أمرنا هذا}أي في شرعنا وديننا.

{ما ليس منه}أي ما لم يشرعه الله ورسوله، وما لا دليل عليه.

{فهو رد} أي مردود على صاحبه ولا يقبله الله عز وجل حتى ولو أخلص وتفانى وبذل فيه.

* فوائد الحديث:

1- تحريم الإحداث في الدين بقول أو عمل بما ليس منه ولو أحبه القلب ومال إليه ، لأن ذلك تزيين من الشيطان.

2- تتحقق المتابعة في القول والعمل للنبي صلى الله عليه وسلم ن خلال ستة من الأمور:

أ) سبب العمل : إذا كان سبب العمل موافقا لأدلة الشريعة فهو مقبول ، أما إذا عاضها فهو مردود، ومثال الموافقة كلما دخل المسجد صلى ركعتين تحية المسجد. وأما مثال عدم الموافقة كلما دخل بيته صلى ركعتين وجعلها سنة فهذا باطل.

ب) جنس العمل: أن يكون موافقا للأجناس المشروعة ، ومثاله أن يضحي من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم، وأما عدم الموافقة أن يضحي بفرس مثلا فهذا مردود عليه ولا يقبل لأنه ليس من جنس المشروع.

ج) القدر المشروع: فلا يزيد على القدر المشروع ، فلو توضأ الشخص لكل عضو أرع مرات فالرابعة باطلة.

د) الكيفية المشروعة: لا بد من موافقة الكيفية للشرع، فلو سجد قبل الركوع أو تسلم قبل السجدة الثانية لم يقبل منه.

ه) الوقت المشروع: فلو صلى صلاة الظهر بل دخول وقتها لم تقبل منه وهكذا بقية الصلوات.

و)المكان المشروع: فلو اعتمر أو حج في غير مكة لم يقبل منه لمخالفته المكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *