أبراج الحظ وموقف الإسلام منها…. د. ناجي بن وقدان

القارئ لـ ” أبراج الحظ ” في الجرائد والمجلات ، والمشاهد لها في القنوات : إن اعتقد أن النجوم والأفلاك والكواكب تؤثر في الخلق وأفعالهم : فهو مشرك ، وإن قرأها وطالعها للتسلية: فهو عاصٍ ، آثم ، ولا يقبل الله منه الصلاة أربعين يوماً .

وأما الظن أو الاعتقاد أن مواليد كل برج لهم صفات معينة فهذا ظن غير صحيح ، فإنه يولد في الساعة الواحدة الألوف من الناس ، وهؤلاء لا يحملون الصفات نفسها ، فضلاً عن مواليد اليوم نفسه ، فضلاً عن مواليد الشهر الواحد .

ومما يدل على بطلان ذلك الاعتقاد : اختلاف المنجمين أنفسهم في عدد البروج ، وفي أسمائها ، وفي مدتها ، وفي دلالتها على طباع الخلق وصفاتهم .

قال الدكتور عبد المجيد بن سالم المشعبي وفقه الله :

“الوجه السابع: اختلاف أصحابها في الأصول التي يبنون عليها أمرهم ، ويفرعون عنها أحكامهم ، فمن ذلك:

أولاً : اختلافهم في البروج التي تؤثر في هذا العالم – بزعمهم – ، والتي تُبنَى عليها أحكامهم ، والاختلاف فيها في ثلاثة أمور :

الأمر الأول :

في أسمائها : تختلف أسماء البروج بين أمم المنجمين اختلافاً بيِّناً ، فالبروج عند اليونانيين والمصريين والعرب اثنا عشر برجاً ، وهي : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت .

أما الصينيون فالبروج عندهم كما يلي : برج الفأر ، والقط ، والحصان ، والديك ، والجاموس ، والتنين ، والماعز ، والكلب ، والنمر، والثعبان ، والقرد ، والخنزير .

الأمر الثاني : اختلاف أحكامهم في دلالة هذه البروج على طباع الناس بناء على اختلافهم في أسمائهم ، إذ إنهم جعلوا طبائع المولود تابعة لطبيعة الحيوان الذي سمِّي باسمه البرج الذي ولد فيه هذا المولود ، ولنأخذ مثالاً على ذلك قول أبي معشر في مواليد برج الحمل باعتباره أول البروج عند اليونانيين ومن تابعهم قال : ” المولود بهذا البرج يكون رجلاً أسمر اللون ، طويل القامة ، كبير الرأس ، صعب المراس ، سريع الغضب ، قريب الرضا ، سريع الانتقال من مكان إلى مكان ، يقول الحق ويكره الباطل ، لا يعمل إلا برأيه ، ويكون استقلاله بمشورته فيه بعض فساد تارة ، وتارة يستغني ، حاله حسن ، صبوراً على الأهوال ” .

فقد استمدوا بعض صفات الحمَل وجعلوها صفات لمواليد هذا البرج كما مضى من قول أبي معشر : ” سريع الغضب ، قريب الرضا ، وثاباً ، سريع الانتقال من مكان إلى مكان … ” وهذه صفات الحمَل .

وكذلك فعل الصينيون ، إلا أنهم بحكم اختلافهم في البروج جعلوا للمولود صفات تختلف عن الصفات التي جعلها اليونانيون ، فأول البروج عند الصينيين – كما سبق – برج الفأر ، وقالوا في صفات من ولد فيه ، ” ولد الفأر في برج الفتنة ، والعدوان ، وهو يبدو للوهلة الأولى هادئاً متزناً ، فرحاً ، ولكن حذار ، فإن تحت هذا المظهر الوديع يكمن مزيج من العدوان والقلق المتواصل ، والفأر خلاق للمواقف الحرجة ، مهتم بتوافه الأمور ، مختل الأعصاب أحياناً ، بادئ بالتذمر دائماً ، ويميل الفأر أن يكون ضمن مجموعة ” ، وهذه صفات الفأر ، طبقوها على من ولد في هذا البرج .

الأمر الثالث : اختلافهم في المدة التي تجعل لكل برج : لا شك أن اليوم الواحد بل الساعة الواحدة لها أثر في اختلاف حكم النجوم المزعوم ، فكيف لو امتدت المدة أشهراً ؟! بلا ريب سيكون الاختلاف واضحاً بين الحكمين – على حد زعمهم – إلا أننا نجد أن مدة كل برج عند اليونانيين وأتباعهم ما يقارب الشهر ، فيكون أثر هذا البرج خلال هذه المدة ، أما الصينيون فقد جعلوا لكل برج من بروجهم سنة كاملة ، وهذا يجعل جميع مواليد أبراج اليونانيين تحت حكم واحد ، وهذا البون الشاسع دلالة واضحة على كذب هؤلاء” انتهى .

وعلى هذا ، فلا يجوز الاعتماد في تحديد صفات الناس على معرفة تاريخ ميلادهم وبرجهم الذي ينتسبون إليه ، فكل ذلك من الباطل ، وهو من تضييع الأوقات في غير فائدة ، ومن البناء على أسس غير سليمة ، ويُخشى على فاعل ذلك أن يتمادى في ذلك حتى يعتقد تأثير تلك الأبراج في أهلها ، فيقع في الشرك الأكبر .

والنصيحة لك أن تنشغلي بحفظ القرآن الكريم ، وقراءة كتب أهل العلم الثقات ، كما يمكنك قراءة الكتب المصنفة في الدعوة وطريقة التعامل مع المدعوين واكتساب الأصدقاء وثقة الناس.

فتوى العلامة عبدالعزيز بن باز المتي السابق للمملكة العربية السعودية رحمه الله:

أما بعد: اطلعت على مقال نشر في بعض الصحف يتضمن تمجيد بعض أعمال الجاهلية والفخر بها والدعوة إليها، مثل التعلق بالنجوم والأبراج والحظ والطالع، فرأيت أن من الواجب التنبيه على ما تضمنه المقال من الباطلفقد اطلعت على مقال نشر في بعض الصحف يتضمن تمجيد بعض أعمال الجاهلية والفخر بها والدعوة إليها، مثل التعلق بالنجوم والأبراج والحظ والطالع، فرأيت أن من الواجب التنبيه على ما تضمنه المقال من الباطل، فأقول:

إن ما يسمى بعلم النجوم والحظ والطالع من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها وبيان أنها من الشرك لما فيها من التعلق بغير الله تعالى واعتقاد الضر والنفع في غيره، وتصديق العرافين والكهنة الذين يدعون علم الغيب زورا وبهتانا، ويعبثون بعقول السذج والأغرار من الناس ليبتزوا أموالهم ويغيروا عقائدهم، قال ﷺ فيما رواه عنه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد رواه أبو داود وإسناده صحيح، وللنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحرر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه وهذا يدل على أن السحر شرك بالله تعالى وأن من تعلق بشيء من أقوال الكهان أو العرافين وكل إليهم وحرم من عون الله ومدده.

وقد ذكر مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ﷺ عن النبي ﷺ أنه قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ أخرجه أهل السنن الأربع، وعن عمران بن حصين مرفوعا: ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر لهه ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ رواه البزار بإسناد جيد.

قال ابن القيم رحمه الله: (من اشتهر بإحسان الزجر عندهم سموه عائفا وعرافا، والمقصود من هذا: معرفة أن من يدعي معرفة علم شيء من المغيبات فهو إما داخل في اسم الكاهن وإما مشارك له في المعنى فيلحق به، وذلك أن إصابة المخبر ببعض الأمور الغائبة في بعض الأحيان يكون بالكشف ومنه ما هو من الشياطين. ويكون بالفال والزجر والطيرة والضرب بالحصى والخط في الأرض والتنجيم والكهانة والسحر ونحو هذا من علوم الجاهلية، ونعني بالجاهلية كل ما ليس من أتباع الرسل عليهم السلام كالفلاسفة والكهان والمنجمين ودهرية العرب الذين كانوا قبل مبعث النبي ﷺ، فإن هذه علوم لقوم ليس لهم علم بما جاءت به الرسل ﷺ، وكل هذه الأمور يسمى صاحبها كاهنا وعرافا وما في معناهما فمن أتاهم أو صدقهم بما يقولون لحقه الوعيد.

وقد ورث هذه العلوم عنهم أقوام، فادعوا بها علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه، وادعوا أنهم أولياء لله وأن ذلك كرامة) انتهى المقصود نقله من كلام ابن القيم رحمه الله. علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الحظ كلها من علوم الجاهلية، ومن المنكرات التي حرمها الله ورسولهوقد ظهر من أقواله ﷺ ومن تقريرات الأئمة من العلماء وفقهاء هذه الأمة، أن علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الحظ كلها من علوم الجاهلية، ومن المنكرات التي حرمها الله ورسوله، وأنها من أعمال الجاهلية وعلومهم الباطلة التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها، أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها، أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به، قال تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره، وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور، مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة وأن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها، ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم طاعة لله ولرسوله ﷺ وحفاظا على دينه وعقيدته.

والله المسئول أن يرزقنا والمسلمين الفقه في دينه والعمل بشريعته، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وخاتم رسله محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *