{ القَدَرُ المُبْرَم والقَدَرُ المُعَلَّقْ } !!!!! د. ناجي بن وقدان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره من صلب الإيمان والعقيدة، ولا يصح إيمان عبد ولا تستقيم عقيدته إلا به، فكل شيء في الكون واقع بقضاء الله وقدره، كما قال عز وجل( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)[1]، ومنهج أهل السنة والجماعة ينص على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر حلوه ومره، من كذّب بهما أو بأحدهما ضلّ وانحرف عن الصراط المستقيم، ويدل على ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل الطويل عندما سأله عن الإيمان قال (وتؤمن بالقدر خيره وشره)[2] .

وكل مؤمن ومؤمنة يؤمنون بالقضاء والقدر ويُسلِّمون لأمر الله وقضاءه، ولكن الكثيرون يجهلون قضية القَدَرُ المُبْرَم والقَدَرُ المُعَلَّقْ وما يضُمان من تفاصيل تتصل بالعقيدة والإيمان، ولكي نصل إلى هذه التفاصيل ، لا بد من تعريفٍ يسير لكلٍ منهما يكون مدخلاً لتصورٍ شامل عنهما.

القَدَرُ في اللغة : هو بمقدارُ الشيء، وجمعه أقدار، أي ما قدَّرهُ الله تعالى وحَكَم به في الأزل، وهو وقوع الشيء في وقته ومكانه المُقدَّر له[3].

القدر في الاصطلاح الشرعي : هو وقوعُ ما عَلِمَهُ الله تعالى وجرى به القلم إلى الأبد، ووقوعه حسب ما قدَّره الله تعالى في الوقت والمكان المُحدّدين، وقد قدّره الله تعالى في الأزل، وعرَّفه ابن حجر رحمه الله بأنه عِلمُ الله تعالى بمقادير الأشياء وتفاصيلها.[4]

الفرق بين القضاء والقدر :تباينت آراء العلماء في ذلك فمنهم من قال أنّهُما مُترادفان، فهما شيءٌ واحِدٌ، ولهما نفس المعنى، فقد عرّفوا القدر بالقضاءُ والحُكم، فالذي كتبه الله تعالى وعَلِمَه يجوزُ القول بأنه قضاءٌ أو قدَرٌ، وذهب آخرون بالتَّفريقِ بينهما من خلالِ قولِهم إنّ القضاء يأتي قبل القَدَر، فعِلمُ الله تعالى وحُكمه في الأزل هو القضاء، ووقوعه كما عَلِمَه هو القدر، قال ابنُ حجر رحمه الله (القضاء هو الحكم الكليُّ الإجماليُّ في الأزلِ، والقَدَر جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله)[5]، وقال الجرجاني (إن القضاء ما كان في اللوح المحفوظ، وحصوله في المخلوقات ووقوعه عليهم هو القدر)[6]، ولعل القول بأنهما شيء واحد ولا طائل من التفريق بينهما هو القول الصحيح.

القدر المُبْرَم : القَدَر المُبْرَم( المحْتُوم) وهو القدر المطلق ويقال له القضاء المُبرم، وهو ما كان سابقا في علم الله تبارك وتعالى فلا يتغير ولا يتحول ولا يتأخر عن وقته، ولا ينفع معه الدعاء، كتبه الله وقرره وقدره بحكمته وقدره قبل أن يوجِد موجودات السماء والأرض وما فيهما بخمسين ألف عام، كما قال جل وعلا (وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا)[7].

 وأخبرنا جل وعلا في أكثر من موضع من القرآن الكريم أن كلامه وحكمه لا يتغير ولا يتبدل، كما في قوله سبحانه(مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)[8] ، قال مجاهد : يعني قد قضيت ما أنا قاض، وفي حديث أم حبيبة رضي الله عنها عندما دعت الله بقولها(اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ : فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: قدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجِّلَ شيئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أَوْ يُؤَخِّرَ شيئًا عن حِلِّهِ، ولو كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِن عَذَابٍ في النَّارِ، أَوْ عَذَابٍ في القَبْرِ، كانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ)[9]، وأورد الإمام النووي رحمه الله ( أن الأوقات والأعمار والأرزاق محددة مقدرة، لا تتبدل ولا تتحول عما حدده الله جل وعلا وعَلِمه في القديم الأزلي، فيستحيل الزيادة عليها أو الانتقاص منها)[10].

وقال عز وجل ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)[11]، قال الإمام الطبري رحمه الله (من قبل أن نبرأ الأنفس، يعني: من قبل أن نخلقها، يقال: قد برأ الله هذا الشيء)[12]، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم( رفعت الأقلام وجفَّت الصحف)[13] ،قال المباركفوري(رفعت الأقلام وجفت الصحف ) أي : كُتب في اللوح المحفوظ ما كتب من التقديرات ، ولا يكتب بعد الفراغ منه شيء آخر )[14]، ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام(يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق)[15]، وفي هذا قال ابن حجر رحمه الله( أي نفذ المقدور بما كتب في اللوح المحفوظ فبقي القلم الذي كتب به جافا لا مداد فيه لفراغ ما كتب به )[16]، ولابن عباس رضي الله عنهما بلفظ ( قُضي القضاء و جَفت الأقلام وطُويت الصحف )[17] .

والمقصود، أن ما كُتب في اللوح المحفوظ في الأزل من علم الله قبل خلقه لعباده، فهو ثابت ولا يتغير ويَنْفُذ كما أراده الله وكتبه بلا زيادة ولا نقصان، ولا يُقَدِّم الدعاء فيه ولا يؤخر.

وأما ما لم يُدون في اللوح المحفوظ، فهو يتغير ويتبدل وهو ما بأيدي الملائكة ، وما يستقر أمره أخيراً عندهم هو الذي قد كتب في اللوح المحفوظ ، وهو أحد معاني قوله تعالى( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )[18] ، وللعلماء أقوال كثيرة يصعب إيرادها كلها في هذا المقام، ولكنها تدور حول هذا المعنى،  ومن هنا يمكننا فهم ما جاء في السنة الصحيحة من كون صلة الرحم تزيد في الأجل أو تُبسِط في الرزق ، أو ما جاء في أن الدعاء يرد القضاء ، ففي علم الله تعالى أن عبده يصل رحمه وأنه يدعوه فكتب له في اللوح المحفوظ سعةً في الرزق وزيادةً في الأجل .

-هل صلة الرحم تزيد في الأجل(العمر)أو تُبسِط في الرزق :

اختلف العلماء من السلف والخلف حول هذا الأمر المُلْتَبِس على كثر من الناس، وحول قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )[19]، فمنهم من قال المعنى : حُصُولُ الْقُوَّةِ فِي الْجَسَدِ ، ومنهم من قال: بِالْبَرَكَةِ فِي عُمْره , وَالتَّوْفِيق لِلطَّاعَاتِ , وَعِمَارَة أَوْقَاته بِمَا يَنْفَعهُ فِي الْآخِرَة , وَصِيَانَتهَا عَنْ الضَّيَاع فِي غَيْر ذَلِكَ ،ومنهم من قال: بَقَاءُ ذِكْرِهِ الْجَمِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وآخرون قالوا: يُكْتَبُ عُمُرُه مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ كَأَنْ يُقَالَ : إِنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فَلَهُ كَذَا وَإِلَّا فَكَذَا ، فتَكُون الزّيَادَة فِي العُمرِ زيَادَة حَقِيقِيّة.[20] ولعل هذا الأخير هو الراجح من الأقوال، لموافقته للشواهد والنصوص.

القَدَرْ المُعَلَّقْ : هو القدر المُعَلَّق على فعل أسبابه من دعاءٍ أو صلة رحمٍ أو صدقةٍ أو غير ذلك، وهذا معناه أن فعل الأسباب وحصول المطلوب كلها بعلم الله وقدره، والله تعالى يعلم ما الذي سيحصل من الأمرين، هل سيُجاب دعاءه ويحصل له ما يريد، ويكون ذلك مكتوباً في اللوح المحفوظ ، وإما أن يدعو ذلك الشخص فيوسّع الله عليه رزقه، وينسأ له في عمره، فالذي ورد في الحديث عن ابن عباس من أن الدعاء يرد القدر معناه أن الدعاء يرد القدر المُعَلَّق، وليس المراد ان الدعاء يرد القدر المُبْرَم أو المحتوم ، لا يردّ ذلك شيء، وقد ورد (لا يرد القدر إلا الدعاء)[21]، ومعناه أن الدعاء يرد القدر المعلق، فيكون الحاصل من الأمرين هو من القدر المحتوم، أي أنه مقدر عليه ومكتوب في اللوح المحفوظ أن فلاناً سيدعو وسيحصل له كذا وكذا مثلاً، وكذلك إن كان مكتوباً في اللوح المحفوظ أن فلاناً إن وصل رحمه يكون عمره مائة عام، وإن قطع رحمه يكون عمره أربعين عاماً وكان مكتوباً في اللوح المحفوظ أن هذا الشخص قاطع لرحمه وأقربائه وأن عمره سيكون أربعين عاماً، في هذه الحال لو دعا كل أهل الأرض له أن يجعل الله عمره مائة عام فإن الدعاء لن يغيّر قضاء الله تعالى ولا بد ان يكون ما قدر الله له، القضاء المحتوم لا يتغير.

ولو كان القضاء المحتوم يتغير بالدعاء لتغيّر بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما دعا عليه الصلاة والسلام أن لا يجعل بأس المسلمين بينهم، أي أن لا يحصل بينهم اقتتال وخصومات شديدة ، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(سألتُ ربي ثلاثًا ، فأعطاني اثنتينِ ، ومنعني واحدةً ، سألتُ ربي أنْ لا يُهْلِكَ أمتي بالسَنَةِ ، فأعطانيها ، وسألتُهُ أن لَّا يُهْلِكَ أمتي بالغرَقِ ، فأعطانِيها ، وسألْتُهُ أن لَّا يَجْعَلَ بأسَهم بينَهم ، فمنَعَنِيها)[22]، فالله عز وجل لم يعطه ما دعا به، لأن قدر الله ومشيئته وإرادته سبقت بأن لا يكون ذلك، ولذلك كان ما قدره الله من الاقتتال بين المسلمين وفناء بعضهم على أيدي بعض شيء لا يتغير بالدعاء، وقد ثبت في الحديث أن الله تعالى قال لرسوله عليه الصلاة والسلام (يـا محمّد، إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يـُردّ)[23].

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله سؤالا طويلا وفيه: هل شُرِع في الدعاء أن يقول: اللهم إن كنت كتبتني كذا فامحني واكتبني كذا، فإنك قلت: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) وهل صح أن عمر كان يدعو بمثل هذا؟ فأجاب رحمه الله بقوله( والجواب المحقق أن الله يكتب للعبد أجلا في صحف الملائكة فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب، وهذا معنى ما روى عن عمر أنه قال: اللهم إن كنت كتبتني شقيا فامحني واكتبني سعيدا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، والله سبحانه عالم بما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، فهو يعلم ما كتبه له وما يزيده إياه بعد ذلك، والملائكة لا علم لهم إلا ما علمهم الله، والله يعلم الأشياء قبل كونها وبعد كونها، فلهذا قال العلماء: إن المحو والإثبات في صحف الملائكة، وأما علم الله سبحانه فلا يختلف ولا يبدو له ما لم يكن عالما به، فلا محو فيه ولا إثبات، وأما اللوح المحفوظ: فهل فيه محو وإثبات؟ على قولين، والله سبحانه وتعالى أعلم)[24].

وقال ابن القيم رحمه الله ( المقدور قُدِّر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يُقَدر مجرداً عن سببه، ولكن قُدِّر بسببه فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور وهكذا، كما قُدِّر الشَبَع والري بالأكل والشرب وقُدر الولد بالوطء وقُدر حصول الزرع بالبذر، وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قُدر وقوع المدعو به لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب)[25]، وقال السندي في شرحه على سنن ابن ماجه( قال الغزالي فإن قيل ما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فإن الدعاء سبب رد البلاء، ووجود الرحمة، كما أن البذر سبب لخروج النبات من الأرض وكما أن الترس يدفع السهم، كذلك الدعاء يرد البلاء)[26]،وقال العلامة السعدي رحمه الله( يمحوا الله ما يشاء) من الأقدار: ويثبت ـ ما يشاء منها، وهذا المحو والتغيير في غير ما سبق به علمه وكتبه قلمه، فإن هذا لا يقع فيه تبديل ولا تغيير، لأن ذلك محال على الله أن يقع في علمه نقص أو خلل، ولهذا قال: وعنده أم الكتاب ـ أي: اللوح المحفوظ الذي ترجع إليه سائر الأشياء، فهو أصلها وهي فروع له وشعب، فالتغيير والتبديل يقع في الفروع والشعب، كأعمال اليوم والليلة التي تكتبها الملائكة، ويجعل الله لثبوتها أسبابا ولمحوها أسبابا لا تتعدى تلك الأسباب ما رسم في اللوح المحفوظ، كما جعل الله البر والصلة والإحسان من أسباب طول العمر وسعة الرزق، وكما جعل المعاصي سببا لمحق بركة الرزق والعمر، وكما جعل أسباب النجاة من المهالك والمعاطب سببا للسلامة، وجعل التعرض لذلك سببا للعطب، فهو الذي يدبر الأمور بحسب قدرته وإرادته، وما يدبره منها لا يخالف ما قد علمه وكتبه في اللوح المحفوظ)[27]، وقال الحافظ  ابن حجر رحمه الله( المحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملَك، وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة، ويقال له: القضاء المبرم، ويقال للأول: القضاء المعلق)[28].

– هل التسبيح يرد القدر؟ قد علمنا أن الدعاء يرد القدر في القدر المُعَلَّق ولا إشكال في ذلك، ولكن الكثير من الناس يتناقلون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقولة أن التسبيح يرد القدر ، مستشهدين بقصة يونس عليه السلام في بطن الحوت عندما قال(لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[29]، وقد بحثت لأجد دليلا يبرر استشهاد هؤلاء به فلم أجد، بل الصحيح أن التسبيح لا يرد القدر، وما فعله يونس عليه السلام هو مجرد سبب حصلت به النجاة كما قال أهل العلم، وأن الدعاء هو الذي ورد به النص في رد القدر المُعَلًّق كم ذكرت آنفاً، قال الشيخ عبد الرحمن البراك في التسبيح( هذا ليسَ بشيءٍ، هذا كلامٌ لا أصلَ لهُ، التَّسبيحُ ما في علاقة أنَّه يردُّ القدرَ أو لا يردُّ القدرَ، الَّذي قيلَ فيه الدُّعاء)[30] ، وبهذا يتبين عدم صحة تلك المقولة.

وخلاصة القول ، أن القدر المُعَلق يكون فيما بأيدي الملائكة الكرام من الصحف والمقادير، وهو الذي يتغير بأسبابه من الدعاء وصلة الرحم وغيرها، وهو الذي يفيد معه الدعاء، كما ثبت في الحديث(لا يغني حذر من قدر ، وإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة )[31]، ولذلك يسعى المسلم في فعل الأسباب التي ينفع معها الدعاء، ومنها صلة الرحم فبها يُؤَخَّر له في العمر ويبارك له فيه، وكذلك يُزاد له في رزقه زيادة حقيقية ويبارك له فيه، فصلة الرحم فيها خيري الدنيا والآخرة، وقطعها سبب كل مهلكة وحرمان، وخصوصا الوالدين، والصلة تكون الوصول البدني والزيارة، أو بوسائل التواصل المتوفرة، فكل ذلك فيه خير كثير، وعمر ورزق وفير.

والدعاء ينفع بإذن الله فيما قد يكون في القدر المعلق ، فيجتهد المسلم في كثرة الدعاء والإلحاح على الله، وانتهاز فرص الإجابة الزمانية والمكانية، كأوقات السحر، وبين الأذان والإقامة، ويوم الجمعة خصوصا في آخره، وأدبار الصلوات نهاية التشهد الأخير وقبل السلام وغيرها، مما يُستجاب فيه الدعاء، وخير الدعاء ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وليحذر المسلم من موانع الدعاء وحُجُبه ، وفي طليعتها الذنوب والمعاصي وأكل الحرام من ربا ورشوة وغيرها، وقطيعة الرحم وغفلة القلب عند الدعاء، وكذلك التسلح بتقوى الله وزيادة مستوى الإيمان والتمسك بالدين، وتنقية العقيدة والتوحيد من شوائب الشرك والكفر وغلبة الهوى، إلى غير ذلك مما يصد الدعاء.

هذا والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

[1] سورة القمر59.

[2] رواه مسلم.

[3] قاموس المعاني مادة قدر.

[4] القضاء والقدر عمر الأشقر ص 21.

[5] فتح الباري 11/477.

[6] التعريفات ص 174.

[7] سورة المنافقون 11.

[8] سورة ق 29.

[9] رواه مسلم.

[10] شرح مسلم 8/466.

[11] سورة الحديد 22.

[12] تفسير الطبري ص 540.

[13] رواه الترمذي.

[14] تحفة الأحوذي 7/186.

[15] رواه البخاري.

[16] فتح الباري 9/119.

[17] رواه البيهقي في الشعب 192، والطبراني في الكبير 12/238 .

[18] سورة الرعد 39.

[19] رواه البخاري.

[20] ينظر في شرح النووي على مسلم 16 / 114 وفتح الباري4 / 302 .

[21] رواه الترمذي والحاكم.

[22] رواه مسلم.

[23] رواه مسلم.

[24] مجموع الفتاوى 14/490.

[25] شفاء الضرر بفهم التوكل والقضاء والقدر ص 3.

[26] شفاء الضرر بفهم التوكل والقضاء والقدر ص 3.

 

[27] تفسير السعدي ص 419.

[28] شفاء الضرر بفهم التوكل والقضاء والقدر ص 62.

 

[29] سورة الأنبياء 87.

[30] موقع الشيخ الرسمي.

[31] رواه الطبراني وصححه الألباني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *