الحديث الثالث: بني الإسلام على خمس

عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ) رواه البخار ي ومسلم .

(أبي عبد الرحمن ) كنية يكنى بها عبالله بن عمر كقولك أبو محمد أو أبو سعيد وماشابه ذلك ، وقد يشتهر الشخص بكنيته وينسى إسمه ، وقد يشتر بلإسم وتنسى الكنية ، وقد تكون الكنية بإبن أو أب وقد تكون بذكر أو أنثى كأبي رقية وقد تكون بحيوان كما في كنية أبي هريرة كني بها لهرة كانت تلازمه صباحا ومسار حتى أن من أهل العلم من قال كان يضها في كمه. والمقصود أن الكنية مشروعة بهذا أو بذاك.

(رضي الله عنهما ) يقال للصحابي رضي الله عنهما إذا كان أبوه مسلما ، فالترضي له ولأبيه ، أما إذا كان أبوه كافرا فإنه يقال للصحابي رضي الله عنه.

( بني الإسلام) الإسلام هو الدين السائد الذي لا يقبل الله دينا غيره فهو خاتم الأديان وناسخها كما قال عز وجل{ إن الدين عند الله الإسلام} آل عمران 19 ، وقال سبحانه { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} آل عمران 85 ، فلا دين على وجه الأرض إلا دين الإسلام ، وقوله بني: فعل ماضي مبني للمجهول وأخفي الفاعل لأن كل مسلم يعلم يقينا أن الذي بناه هو الله عز وجل ، فلا حاجة لذكر الفاعل هنا وهذا من الإعجاز في جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام. وكلام النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله وشريعة يتعبد بها لله جل وعلا كما قال تعالى { إن هو إلا وحي يوحى} النجم 4 ، والإسلام في تعريفى العام هو الإستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك.

 

( على خمس ) أي خمس دعائم وركائز وأركان ، لا يقوم إلا بها ولا يستقيم إسلام العبد إلا بها.

( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) هذه الشهاد هي المفترق بين الإسلام والكفر ، ولا يصح الإسلام إلا بها ، بشطريها، كما لايصح إضمارها في السر دون النطق بها، وإن كان هناك من قال بذلك، ولكن القول الأقوى هو قول النطق بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولو لا إله إلا الله من قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله)رواه البخاري ومسلم ، والشهادتان تقومان على القول باللسان والاعتقاد بالقلب كما في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى ) رواه البخاري ومسلم .

( وإقام الصلاة ) وإقامة الصلاة كعبادة بدنية تشتمل على أمور منها:

0 إقامتها في ذاتها بإقامة أركانها وواجباتها وسننها، وكذلك إقامتها في أوقاتها جماعة مع المسلمين في المساجد التي بنيت من أجلها كما قال عز وجل { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال} ومن أظم الذكر الصلاة وما فيها من ذكر الله عز وجل.

0 ومن إقامتها عدم تركها أو التهاون فيها وفي القيام لها في وقتها لأن تاركها والمتهاون في آدائها هم سواء في الكفر في أصح قولي العلماء كما ذكر العلامة عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) رواه أحمد ، وقوله عليه الصلاة والسلام(بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة )رواه مسلم وتوعد الله المتهاونين والمتخاذلين في أمر الصلاة بقوله تعالى{ فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} سورة الماعون وقوله سبحانه{ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} سورة مريم 59 .

( وإيتاء الزكاة ) وهذه عبادة مالية محضة يتقرب بها المسلم إلى الله تزكية لماله وتطهيرا له ونماء له وبركة، والزكاة شأنها عظيم وهي رديفة الصلاة في كثير من آيات القرآن الكريم وتركها جحودا وردا لفرضيتها كفر والعياذ بالله، كما قال عز وجل{ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } سورة التوبة 11 .

( وحج البيت ) وتقديم الحج على الصوم على يؤثر على سير الحديث أو مجرى المعنى ، وكل ما هنالك هو ترتيب وتقديم وتأخير فقط لا يؤثر بحال وهو من باب ذكر الشيء الذي يجوز فيه التقديم والتأخير، كما قال الشاعر:

إن من ساد ثم ساد أبوه … ثم ساد من بعد ذلك جده

وقد سبق في حديث جبريل الطويل في الحديث الثاني تقديم الصيام على الحج.  

(وصيام رمضان) والصيام عبادة بدنية تستلزم الكف والترك لمحبوبات النفس، فقد يسهل على الإنسان أن يفعل، ويصعب عليه أن يكف، وقد يسهل عليه الكف ويصعب عليه الفعل، فنوعت العبادات ليكمل بذلك الامتحان، فسبحان من شرعها ونوعها ويسرها.

والمقصود أن هذه الدعائم الخمس هي في الحقيقة إمتحان واختبار لإيمان العبد ، واختلاف قدرات العباد فإن منم من يستطيع الصلاة ولكن لا يستطيع الصيام ومنهم من يقدر على الصيام ولكن لا يستطيع الحج ، فبذل المحبوب من مال وبدن لله عز وجل في تجاوز للإمتحان وسعادة في الدنيا والآخرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *