عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم “إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت” . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود البدري وهو مشهور بكنيته.لم يشهد بدرًا وإنما سكن بدرًا. وشهد العقبة الثانية وكان أحدث من شهدها سنًّا قاله ابن إسحاق. وشهد أحدًا وما بعدها من المشاهد وقال البخاري وغيره: إنه شهد بدرًا ولا يصح.ويحدث عمر بن عبد العزيز في أمارته: أن المغيرة بن شعبة أخر العصر وهو أمير الكوفة فدخل أبو مسعود عقبة ابن عمرو الأنصاري جد زيد بن حسن شهد بدرًا فقال: لقد علمت نزل جبريل فصلى, فصلى رسول الله خمس صلوات ثم قال: “هكذا أمرت”.وبذلك عده البخاري في البدريين وقال مسلم بن الحجاج في الكنى: شهد بدرًا وقال أبو أحمد الحاكم: يقال أنه شهد بدرًا.وسكن الكوفة وكان من أصحاب علي واستخلفه علي على الكوفة لما سار إلى صفين. مات بالكوفة, وقيل: مات بالمدينة سنة أربعين للهجرة.
الحياء خلق كريم، وصفة حميدة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، والحياء شعبة من الإيمان، والحياء نوعان:
النوع الأول: حياء من الله تبارك وتعالى أن يراك حيث نهاك أو يفتقدك حيث أمرك، كما قال صلى الله عليه وسلم(“استحيوا من الله حق الحياء. قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك استحيا من الله حق الحياء” رواه الترمذي بسند صحيح.
النوع الثاني: حياء من الخلق، وأولهم وخيرهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلا يخالف هديه وسنته، ولا يرضى بمن يسبه أو يبغضه أو يشكك في سنته، وكذلك يستحي من بقية الخلق فلا يأتي ما يخالف الأخلاق والمروءة من قول أو فعل.
والحياء إما أن يكون جبلة وفطرة فطر الله عباده عليها وهو خير الحياء، وإما أن يكون مكتسب منخبرات الناس في واقع الحياة.
(إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ) “إن” للتوكيد وخبرها مقدم(مما أدرك الناس) واسمها(إذا لم تستح فاصنع ما شئت) بمعنى الذي أدركه الناس.
(مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى) أي ما قبل النبي صلى الله عليه وسلم من النبوات السابقة فكثيرا ما تنقل لنا أخبار الأمم والنبوات السابقة في القرآن والسنة ، كما في قوله عز وجل(إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى) الأعلى 14 ، والسنة تحدثت كثيرا عن بني إسرايل، فما وافق الكتاب والسنة أخذنا به وما خالفهماتركناه.
(إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت) هذه الجملة أثرت عن الأمم السابقة، لأنها كلمة توجه الناس إلى كل خلق نبيل كريم ،وتبعدهم عن كل خلق ذميم سيء،يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه( من قل حياءه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه) وهذا حقيقة مشاهد في حياة الناس اليوم في كل منشط.
والخلاصة: كما قيل قديما لكل دين خلقا ،وخلق الإسلام الحياء والإسلام كله خلق وحياء وآداب سامية، ولكل شيء تاج، وتاج الأخلاق الحياء، والحياء لا يأتي إلا بخير ، والحياء زينة المؤمن، والحياء خلق كريم موطنه القلب، يمنع المؤمن من مقارفة ما لا يرضي الله من الأقوال والأفعال.