مشروعية صلاة العيد وأحكامها….. د.ناجي بن وقدان

أولًا: مشروعية العيد والتهنئة به وصلاته:

التعبد بالعيد:

العيد في الأصل عادة من العادات، وقد جعله الشرع فرحة شرعية دينية في ختام عبادة عظيمة هي ركن من أركان الإسلام، قال أنس بن مالك – رضي الله عنه -: قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المدينة و لهم يومان يلعبون فيهما فقال : ما هذان اليومان؟ قالوا: يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر”، رواه أحمد وأبو داود والنسائي[رواه أحمد 3/250، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة العيدين 1/295 (1134) والنسائي في أول كتاب صلاة العيدين 3/179 (1556)، قال الحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/434: صحيح على شرط مسلم، وقال النووي (خلاصة الأحكام 2/819) وابن حجر (فتح الباري 2/442): إسناد صحيح]، فعلى المسلم أن يفرح بإتمام نعمة الله عليه بالصيام على أكمل وجه، ويكلل ذلك بأداء صلاة العيد، وصلة رحمه، والسلام على إخوانه المسلمين، وتهنئتهم بالعيد وإتمام هذه العبادة العظيمة.

 

التهنئة بالعيد:

لا بأس بالتهنئة بالعيد، وهذه من العادات الحسنة التي يثاب عليه بالنية الطيبة، وقد كان كثير من السلف يقول بعضهم لبعض يوم العيد: تقبل الله منا ومنك، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: روينا في المحامليات بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك [فتح الباري 2/446]، وقال علي بن ثابت: سألت مالك بن أنس عن قول الناس يوم العيد: تقبل الله منا ومنك، فقال: ما زال ذلك الأمر عندنا، ما نرى به بأسًا [الثقات لابن حبان 9/90].

صلاة العيد:

صلاة العيد شعيرة عظيمة من شعائر الدين في يوم العيد، وهي إعلان بأن هذا العيد عبادة جليلة ابتدئت بالتكبير في ليلته شكرًا لله تعالى على نعمة الصيام والقيام، وتخلله هذه الصلاة العظيمة مع الحطبة قبلها، فليس العيد الإسلامي عيد بطر ولا أشر ولا خروج عن طاعة الله تعالى، بل هو فرحة وسعادة مع التزام شريعة الله تعالى.

وحكم صلاة العيد:

فرض كفاية إذا حضرها جماعة سقط الوجوب عن الباقين، فعن أم عطية رضي الله عنها قالت: “أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلبابٌ قال: لتلبسها أختها من جلبابها” متفق عليه [رواه البخاري في كتاب العيدين، باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد 1/333 (937)، ومسلم في كتاب صلاة العيدين، باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات للرجال 2/605 (890)، وهذا لفظه].

 

وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوبها عينًا على كل مسلم، والصحيح عدم وجوبها، لعموم ما في الصحيحين من حديث طلحة بن عبيد الله – رضي الله عنه – في خبر الأعرابي الذي سأل عن الإسلام، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: “خمس صلوات في اليوم والليلة”، فقال: “لا، إلا أن تطوع” [رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام 1/25 (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام 1/40 (11)].

ثانيًا: ما يشرع ليلة العيد ويوم العيد:

مما يشرع ليلة العيد ويوم العيد:

أولًا: يسن التكبير المطلق من غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويستمر ليلة العيد وفي الطريق إلى مُصلَّى العيد، ووقت انتظار صلاة العيد حتى يخرج الإمام.

ثانيًا: يسن الاغتسال ليوم العيد، والأصل أن يكون بعد طلوع الفجر، ولا بأس أن يكون قبيل طلوع الفجر استعدادًا للصلاة حتى لا يتأخر عنها.

ثالثًا: السنة أن يفطر قبل الخروج لصلاة العيد على تمرات، ويجعلهن وترًا، فعن أنس – رضي الله عنه – قال: “كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات” [رواه البخاري في كتاب العيدين، باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج 1/325 (910)]، وفي رواية له معلقة مجزومًا بها: “ويأكلهن وترًا” [ذكرها في الموضع السابق]، وصححها ابن خزيمة [صحيح ابن خزيمة 2/342 (1428)، ورواها البيهقي في السنن الكبرى 3/282، والدارقطني 2/45]، ولأحمد: “يأكلهن إفرادًا” [مسند أحمد 3/126]، وللحاكم والبيهقي: “ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أقل من ذلك أو أكثر من ذلك وترًا” [رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/433 وصححه، وعنه البيهقي في السنن الكبرى 3/283، وصححه ابن حبان 7/53 (2814)].

قال بعض العلماء رحمهم الله: الحكمة في الأكل قبل الخروج إلى الصلاة: المبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى بفطر هذا اليوم المنهي عن الصيام فيه، كما بادرنا إلى امتثال أمره بالصيام في رمضان [ينظر فتح الباري 2/447].

رابعًا: يسن التزين يوم العيد بأحسن اللباس، والتعطر والتسوك، فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: وجد عمر حلة استبرق تباع في السوق، فأتى بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله، ابتع هذه الحلة فتجمل بها للعيد والوفود، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إنما هذه لباس من لا خلاق له” متفق عليه [رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب التجمل للوفود 3/1111 (2889)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخاتم الذهب والحرير على الرجل وإباحته للنساء 3/1638 (2068)، وهو هكذا في الصحيحين: “للعيد”، وفي مواضع من الصحيحين: “للجمعة”].

خامسًا: السنة حضور النساء لصلاة العيد غير متعطرات ولا متزينات بزينة ظاهرة، وإذا كانت المرأة حائضًا حضرت مع النساء وشهدت الخطبة وكبرت مع الناس من عير رفع لصوتها، واعتزلت موضع الصلاة، ولا تدخل المسجد بل يفرش لهن خارج المسجد.

سادسًا: لا بأس في يوم العيد باللعب المباح وتناشد الأشعار والأناشيد المباحة ونحوها ، ولا يجوز تعاطي المحرمات كالغناء والموسيقى وآلات العزف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *