لباس الإحرام للمرأة:
تحرم فيما شاءت، ليس لها ملابس مخصوصة في الإحرام كما يظن بعض العامة، لكن الأفضل أن يكون إحرامها في ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر، لأنها تختلط بالناس، فينبغي أن تكون ملابسها غير لافتة للنظر وغير جميلة بل عادية ليس فيها فتنة، ولو أحرمت في ملابس جميلة صح إحرامها لكنها تركت الأفضل. أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين – إزار ورداء – وإن أحرم في غير أبيضين فلا بأس، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه لبس العمامة السوداء عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه لا بأس أن يحرم في ثوب غير أبيض.
المرأة تحرم بالعمرة فجاءها الحيض فخلعت ملابس الإحرام وألغت العمرة:
هذه المرأة لم تزل في حكم الإحرام وخلعها ملابسها التي أحرمت فيها لا يخرجها عن حكم الإحرام، وعليها أن تعود إلى مكة فتكمل عمرتها وليس عليها كفارة عن خلعها ملابس وعودتها إلى بلادها إذا كانت جاهلة، لكنه إن كان لها زوج فوطأها قبل عودتها إلى أداء مناسك العمرة فإنها بذلك تفسد عمرتها، ولكن يجب عليها أن تؤدي مناسك العمرة وإن كانت فاسدة، ثم تقضيها بعد ذلك بعمرة أخرى، وعليها مع ذلك فدية وهي سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم جذع ضأن أو ثني معز يذبح في الحرم المكي ويوزع بين الفقراء في الحرم عن فساد عمرتها بالوطء. وللمرأة أن تحرم فيما شاءت من الملابس وليس لها ملابس خاصة بالإحرام كما يظن بعض العامة، لكن الأفضل لها أن تكون ملابس الإحرام غير جميلة حتى لا تحصل فيها الفتنة.
ضفائر المرأة أثناء الإحرام واستعمالها الحنا:
ليس فيه بأس، حل الضفائر ليس فيه شيء ولا تتعمد قطع الشعر، أما أن تنقض ضفائرها للغسل أو غير ذلك من الأسباب فلا بأس، المحرم قطع الشعر حتى تحل من إحرامها أما كونها تحل الضفائر أو تغسل الرأس بشيء أو تختضب بالحناء أو ما أشبه ذلك فلا يضر، فليس فيه محظور، ولكن إذا خضبت يديها أو رجليها تسترها عن الناس، تكون ساترة لهما بالثياب أو الملابس هذه فتنة. فلو خلط الحناء بما يشبة الطيب؟ لا. الطيب لا. ممنوع، لكن الحناء ليس معها شيء فلا بأس لكن تكون اليد مستورة؛ مستورة اليد والرجل عند الطواف والسعي والوجود بين الرجال.
سقوط شيء من شعر المرأة أثناء الإحرام:
إذا سقطت من رأس المحرم ـ ذكراً أو أنثى ـ شعرات عند مسحه في الوضوء أو عند غسله لم يضره ذلك، وهكذا من لحية الرجل أو من شاربه أو من أظفاره شيء لا يضره إذا لم يتعمد ذلك، إنما المحظور أن يتعمد قطع شيء، أما شيء يسقط من غير تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط عند الحركة فلا يضر .
قراءة المرأة كتب الأدعية في عرفة:
لا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء الأدعية المكتوبة في مناسك الحج، ولا بأس أن تقرأ القرآن على الصحيح أيضاً، لأنه لم يرد نص صحيح صريح يمنع الحائض والنفساء من قراءة القرآن، إنما ورد في الجُنب خاصة بأن لا يقرأ القرآن وهو جنب، لحديث علي رضي الله عنه وأرضاه أما الحائض والنفساء فورد فيهما حديث ابن عمر (لاتقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن)، ولكنه ضعيف لأن الحديث من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازين وهو ضعيف في روايته عنهم. ولكنها تقرأ بدون مس المصحف عن ظهر قلب، أما الجنب فلا يجوز له أن يقرأ القرآن لا عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى يغتسل، والفرق بينهما أن الجنب وقته يسير وفي إمكانه أن يغتسل في الحال من حين يفرغ من إتيان أهله فمدته لا تطول والأمر في يده متى شاء اغتسل، وإن عجز عن الماء تيمم وصلى وقرأ، أما الحائض والنفساء فليس بيدهما وإنما هو بيد الله عز وجل فمتى طهرت من حيضها أو نفاسها اغتسلت، والحيض يحتاج إلى أيام والنفاس كذلك، ولهذا أبيح لهما قراءة القرآن لئلا تنسيانه، ولئلا يفوتها فضل القراءة، وتعلم الأحكام الشرعية من كتاب الله، فمن باب أولى أن تقرأ الكتب التي فيها الأدعية المخلوطة من الأحاديث والآيات إلى غير ذلك. هذا هو الصواب، وهو أصح قولي العلماء رحمهم الله في ذلك.
تناول حبوب منع الحيض:
لا حرج أن تأخذ المرأة حبوب منع الحيض تمنع الدورة الشهرية أيام رمضان حتى تصوم مع الناس، وفي أيام الحج حتى تطوف مع الناس ولا تتعطل عن أعمال الحج، وإن وجد غير الحبوب يمنع من الدورة فلا بأس إذا لم يكن فيه محذور شرعاً أو مضرة.
الحائض وركعتي الإحرام:
الحائض لا تصلي ركعتي الإحرام، تحرم من غير صلاة، وركعتا الإحرام سنة عند الجمهور، وبعض أهل العلم لا يستحبها، لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص، والجمهور استحبوها لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال له عن الله عز وجل: «صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة» [رواه البخاري في الصحيح] أي: في وادي العقيق في حجة الوداع، وجاء عن الصحابة أنه صلى ثم أحرم فاستحب الجمهور أن يكون الإحرام بعد صلاة إما فريضة وإما نافلة يتوضأ ويصلي ركعتين. والحائض والنفساء ليستا من أهل الصلاة فتحرمان من دون الصلاة، ولا يشرع لهما قضاء هاتين الركعتين. و يجوز للمرأة الحائض أن تردد القرآن لفظاً على الصحيح، إما في قلبها فهذا عند الجميع، إنما الخلاف هل تتلفظ به أم لا؟ بعض أهل العلم حرم ذلك وجعل من أحكام الحيض والنفاس تحريم قراءة القرآن ومس المصحف، والصحيح جواز قراءتها للقرآن عن ظهر قلب لا من المصحف، لأنهما لم يرد فيهما نص صحيح يمنع ذلك بخلاف الجنب، فإنه ممنوع حتى يغتسل أو يتيمم عند عدم القدرة على الغسل كما تقدم.(تعقيب) الحديث لا ينص على مشروعيى ركعتا الإحرام بعينها).
الحائض وطواف الإفاضة:
الواجب عليها وعلى وليها الانتظار حتى تطهر وتتطهر وتطوف طواف الإفاضة لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لما قيل له إن صفية قد حاضت: «أحابستنا هي؟» فلما أخبر أنها قد أفاضت قال: «انفروا»لكن إذا لم يمكنها الانتظار وأمكنها العودة لأداء الطواف، جاز لها أن تسافر ثم تعود بعد الطهر لأداء الطواف، فإن لم يمكنها العودة أو خافت أن لا يمكنها ذلك كسكان البلاد البعيدة عن مكة المكرمة كأهل المغرب وأندونيسيا وأشباه ذلك جاز لها على الصحيح أن تتحفظ وتطوف بنية الحج، وأجزأها ذلك عند جمع من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم ـ رحمة الله عليهما ـ وآخرون من أهل العلم.
حاضت أثناء طواف الإفاضة وأكملته حياء :
إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فعلى المرأة المذكورة أن تتوجه إلى مكة وتطوف بالبيت العتيق سبعة أشواط بنية الطواف عن حجها بدلاً من الطواف الذي حاضت فيه، وتصلي بعد الطواف ركعتين خلف المقام أو في أي مكان من الحرم وبذلك يتم حجها. وعليها دم يذبح في مكة لفقرائها إن كان لها زوج قد جامعها بعد الحج لأن المحرمة لا يحل لزوجها جماعها إلا بعد طواف الإفاضة ورمي الجمرة يوم العيد والتقصير من رأسها، وعليها السعي بين الصفا والمروة إن كانت لم تسع إذا كانت متمتعة بعمرة قبل الحج، أما إذا كانت قارنة أو مفردة للحج فليس عليها سعي ثان إذا كانت قد سعت مع طواف القدوم. وعليها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى مما فعلت من طوافها حين الحيض ومن خروجها من مكة قبل الطواف، ومن تأخيرها الطواف هذه المدة الطويلة، نسأل الله أن يتوب عليها.
نزل بها الحيض قبل الطواف:
الواجب على من نزل بها الحيض أو النفاس قبل أن تطوف طواف الإفاضة البقاء في مكة حتى تكمل حجها لقوله صلى الله عليه وسلم، لما أخبر عن صفية يوم النحر أنها حائض قال: «أحابستنا هي؟»فقالوا: يا رسول الله قد أفاضت فقال: «انفروا» [متفق عليه]، لكن ذكر أهل العلم أن من لم يستطع البقاء إلى أن تطهر جاز لها النفير ثم الرجوع إلى مكة لتكمل حجها لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:16]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم» [متفق عليه]. وليس لزوجها إن كانت ذات زوج أن يقربها حتى تعود إلى مكة وتكمل حجها، أما طواف الوداع فيسقط عن الحائض والنفساء، لما ثبت في الصحيحن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» والله ولي التوفيق.
الحيض قبل طواف الإفاضة:
إذا حاضت المرأة قبل طواف الحج أو نفست، أنه يبقى عليها الطواف حتى تطهر فإذا طهرت تغتسل وتطوف لحجها ولو بعد الحج بأيام ولو في المحرم ولو في صفر حسب التيسير وليس له وقت محدود، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز تأخيره عن ذي الحجة، ولكنه قول لا دليل عليه، بل الصواب جواز تأخيره، ولكن المبادرة به أولى مع القدرة، فإن أخره عن ذي الحجة أجزأه ذلك ولا دم عليه، والحائض والنفساء معذورتان فلا حرج عليهما، لأنه لا حيلة لهما في ذلك، فإذا طهرتا طافتا سواء كان ذلك في الحجة أو في المحرم. إتيان النساء بعد طواف الإفاضة.
معاشرة الزوجة بعد طواف الإفاضة.
إذا طاف الحاج طواف الإفاضة لم يحل له إتيان النساء إلا إذا كان قد استوفى الأمور الأخرى كرمي الجمرة والحلق أو التقصير وعند ذلك يباح له النساء وإلا فلا. والطواف وحده لا يكفي بل لا بد من رمي الجمرة يوم العيد، ولا بد من حلق أو تقصير، ولا من الطواف والسعي إن كان عليه سعي، وبهذا يحل له مباشرة النساء أما بدون ذلك فلا، ولكن إذا فعل اثنين من ثلاثة بأن رمى وحلق أو قصر، فإنه يباح له اللبس والطيب ونحو ذلك ما عدا النكاح، وهكذا لو رمى وطاف أو حلق فإنه يحل له الطيب واللباس المخيط ومثله الصيد وقص الظفر وما أشبه ذلك لكن لا يحل له جماع النساء إلا باجتماع الثلاثة: أن يرمي جمرة العقبة، ويحلق أو يقصر، ويطوف طواف الإفاضة ويسعي إن كان عليه سعي كالمتمتع، بعد هذا كله تحل له النساء.
المرأة والتوكيل في الرمي للجمار:
يجوز الإستنابة في رمي الجمار للعاجز عن مباشرة الرمي وذلك لمرض أو كبر سن أو صغر، وكذا لمن يخشى على غيره كالحامل وذات الطفل التي لا تجد من يحفظ طفلها حتى ترجع، لما عليهما من الخطر والضرر في مزاحمة الناس وقت الرمي، وقد نص أهل العلم على هذه المسألة واحتجوا عليها بما رواه أحمد وابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، معنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم، ومن الحُجَّة على ذلك أيضاً قوله تعالى: {فَاتَّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، وقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا ضرر ولا ضرار ».
لبس المرأة للجوربين الأسودين أثناء الإحرام:
هذا عمل طيب تشكرين عليه لما فيه من ستر العورة والبعد عن أسباب الفتنة، والذي قال لك إن عليك دماً في ذلك قد أخطأ وغلط وإنما الممنوع في حق المحرمة لبس القفازين خاصة، أما لبس الجوربين في القدمين فلا بأس به في حق المرأة بل لابد منه في الطواف والصلاة، ولا مانع أن تحتاط عن ذلك بالملابس الضافية التي تستر قدميها في الطواف والصلاة ولا يشترط أن تكون الجوارب سوداء بل لا مانع من لبس غير السود مع مراعاة أن تكون ساترة للقدمين، وفق الله الجميع لإصابة الحق إنه سميع مجيب.
نفست في اليوم الثامن وبقيت عشرة أيام:
إذا نفست في اليوم الثامن مثلاً فلها أن تحج وتقف مع الناس في عرفات ومزدلفة، ولها أن تعمل ما يعمل الناس من رمي الجمار والتقصير ونحر الهدي وغير ذلك، ويبقى عليها الطواف والسعي تؤجلهما حتى تطهر، فإذا طهرت بعد عشرة أيام أو أكثر أو أقل اغتسلت وصلت وصامت وطافت وسعت. وليس لأقل النفاس حد محدود فقد تطهر في عشرة أيام أو أقل من ذلك أو أكثر لكن نهايته أربعون يوماً فإذا تمت الأربعون ولم ينقطع الدم فإنها تعتبر نفسها في حكم الطاهرات، تغتسل وتصلي وتصوم وتعتبر الدم الذي بقي معها على الصحيح ـ دم فساد ـ تصلي معه وتصوم وتحل لزوجها، لكنها تجتهد في التحفظ منه بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء كما أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حمنة بنت جحش بذلك.
أحرمت بالعمرة وهي حائض:
إذا كانت أحرمت معهم بالعمرة فعليها أن تعيد الطواف بعد الغسل وتعيد التقصير من الرأس، أما السعي فيجزئها في أصح قولي العلماء، وإن أعادت السعي بعد الطواف فهو أحسن وأحوط، وعليها التوبة إلى الله سبحانه من طوافها وصلاتها ركعتي الطواف وهي حائض. وإن كان لها زوج لم يحل له وطئها حتى تكمل عمرتها، فإن كان قد وطئها قبل أن تكمل عمرتها فسدت العمرة وعليها دم وهو رأس من الغنم، جذع ضأن أو ثني معز يذبح في مكة للفقراء، وعليها أن تكمل عمرتها كما ذكرنا آنفاً، وعليها أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات الذي أحمرت منه بالعمرة الأولى بدلاً من عمرتها الفاسدة، أما إن كانت طافت معهم وسعت مجاملة وحياء وهي لم تحرم بالعمرة من الميقات فليس عليها سوى التوبة إلى الله سبحانه لأن العمرة والحج لا يصحان بدون إحرام، والإحرام هو نية العمرة أو الحج أو نيتها جميعاً.من فتاوى ابن باز رحمه الله.