عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ، رواه البخاري ومسلم .
حرص الإسلام بتعاليمه وشرائعه على تنظيم علاقة الناس بربهم تبارك وتعالى ، حتى ينالوا السعادة في الدنيا والآخرة ، وفي الوقت ذاته شرع لهم ما ينظم علاقتهم بعضهم ببعض ؛ حتى تسود الألفة والمحبة في المجتمع المسلم ، ولا يتحقق ذلك إلا إذا حرص كل فرد من أفراده على مصلحة غيره حرصه على مصلحته الشخصية ، وبذلك ينشأ المجتمع الإسلامي قويّ الروابط ، متين الأساس .
( لا يؤمن أحدكم) أي لا يتم إيمانه ولا يكتمل ، ونفي الإيمان هنا يقصد به نفي كمال لا نفي أصل، فأصل الإيمان موجود لكنه غير كامل، وهذا من باب الزجر والنصح لكي يقيم المسلم إيمانه على الطريق الصحيح، ويسعى إلى كماله والبعد عن كل ما ينافيه وينقصه.
والإيمان في اللغة: هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان ، وقيل هو التصديق، وقيل هو إقرار القلب بما يرد عليه، وكل المعاني متقاربة. فالذي يقر ولكنه لا يذعن ولا يستسلم ولا ينقاد لأمر الله ورسوله فليسن المؤمنين، فأبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان مقرا بالإسلام وأنه دين حق ، ولكنه لم ينقاد ويذعن ويدخل فيه فلا ينفع حينئذ إقراره به.وكذلك اليهود والنصارى يقرون بذلك ولكنهم لم يسلموا ويدخلوا في الإسلام فلا ينفعهم هذا الإقرار.
والإيمان مستقره القلب وتتبعه الجوارح فيما يتضمنه من الإيمان، فما كان في القلب ظهر على الجوارح. ومن العجيب في حياة المسلمين اليوم أنك إذا نصحت أحدهم عن معصية أجاب بأن الإيمان في القلب ،فأين الإيمان إذا وهو يتجرع المعصية، هذه كلمة حق أراد بها باطل، فلو كان في القلب إيمان لما تجرأت الجوارح على العصيان، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) رواه مسلم.
(حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (حتى) للغاية بمعنى إلى أن يحب لأخيه الخير ويدفع عنه الشر ، كما قال صلى الله عليه وسلم( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت الناس ما يحب أن يؤتى إليه) رواه مسلم.
ونفي كمال الإيمان وتمامه يدخل في أمور كثيرة منها ما ذكر في هذا الحديث، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا خاب وخسر يا رسول الله من ذاك قال من لا يأمن جاره بوائقه) أي شره وأذاه. رواه البخاري.
من فوائد الحديث:
1- وجوب محبة المسلم لأخيه المسلم وأن يحب له ما يحب لنفسه.
2- البعد عن الحسد والضغائن لأنها تنافي المحبة والأخوة في الله وتنافي كمال الإيمان.