الحيض والكدرة والصفرة عند النساء……. د.ناجي بن وقدان

تشتكي كثير من النساء عن التباس ما يسمى بالقصة البيضاء أو الكدرة الصفراء أو البُنِيّة التي تسبق الحيض أو تأتي بعده، وقد فَصل العلماء من السلف والخلف في شأنها،وبينوا الراجح من الأقوال تبعا للأدلة الواردة في ذلك، وهنا نبين ما قيل في شأنها والراجح من ذلك:

والصفرة أو الكدرة قبل الحيض  إن كانت في زمن العادة أو قبله بيسير ، وجاءت مصحوبة بألم الحيض ومغصه ، واتصلت بدم الحيض أي نزل بعدها دم الحيض ، فهي جزء من عادتها وحيضها ، تمتنع معها عن الصلاة والصوم ، وذلك كأن تأتي الكدرة يوما أو يومين مصحوبة بألم الحيض ثم ينزل الدم في اليوم الثالث ، فالجميع حيض ، هذا أظهر الأقوال في هذه المسألة وبه قال الشيخ ابن باز رحمه الله ، لكنه اشترط الاتصال فقط ولم يشترط وجود ألم الحيض ، وهو أيضا قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ،لكن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رأى مؤخرا  عدم اعتبار الصفرة والكدرة حيضا مطلقا ،واستدل بقول أم عطية رضي الله عنها عند البخاري وغيره(كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا) رواه البخاري.

 وفي قول الفقهاء كالحنفية والحنابلة  إن الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض ، يشمل الحالة المذكورة وهي نزول الصفرة والكدرة أول الحيض ،وفي قول غيرهم  كالمالكية والشافعية إن الصفرة والكدرة حيض مطلقا ، أو في زمن الإمكان ، يشمل نزولهما قبل الحيض .

والصفرة والكدرة بعد الدم ، وقبل الطهر تعتبر حيض ؛ لما روى مالك في الموطأ عن أم علقمة أَنَّهَا قَالَتْ ( كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ فَتَقُولُ لَهُنَّ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ ) رواه البخاري.

والدُّرْجة : هو وعاء صغير تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها . والكرسف : القطن .

والراجح في المسألة والله أعلم هو اعتبار الصفرة والكدرة قبل الحيض حيضا إذا كانا في زمن العادة ، واتصلا بدم الحيض ، وكان معهما ألم الحيض ، لأن الصفرة والكدرة من ألوان الدماء عند أكثر الفقهاء ، والحيض هو انهيار جدار الرحم بما فيه من دم وغدد ، فينزل الدم على ألوان مختلفة متفاوتة ، فيبدأ قويا أسودا أو داكنا غالبا ، ثم يخف حتى يكون كدرة أو صفرة ، وقد يقع العكس ، فيبدأ صفرة وكدرة ، ثم دما ، كما ثبت عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على أن الصفرة والكدرة قبل الطهر حيض ، ولا فرق في الحقيقة بين نزولهما قبل الطهر ، أو نزولهما في زمن العادة قبل الدم ، مع علامات الحيض من الألم والوجع .

ويتبين جليا أن اعتبار الكدرة أو الصفرة بألوانها من الحيض يستلزم شروطا ثلاثة:

1- أن تكون في زمن الحيض.

2- أن تكون متصلة به سواء قبله أو بعده.

3- أن يصحب ذلك آلام في البطن والظهر وغيره.

وإذا لم تتحقق هذه الشروط فلا تعتبر من الحيض على ما ذكرت أم عطية رضي الله عنها وفي قول من قال به من العلماء.والله تعالى أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *