الحديث الأول : إنما الأعمال بالنيات.
عَنْ أَمِيرِ المُؤمِنينَ أَبي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُوله فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُوله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا، أَو امْرأَة يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)رواهالبخاري
هذا حديث عظيم في باب النية يقول الإمام الشافعي رحمه الله [ هذا الحديث ثلث العلم ويدخل في سبعين بابا من الفقه]، ويقول أب عمر القرطبي فيه( هذا الحديث بحكم عمومه يتناول جميع الطاعات) ، عليه مدار الإسلام وعلى حديث عائشة رضي الله عنها ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه البخاري ومسلم ، بدأ به البخاري رحمه الله كتابه الصحيح ، يتضمن أمرا عظيما له علاقة مباشرة بأعمل العبد وطاعاته لله عز وجل ألا وهو النية التي ورد ذكرها وأهميتها في القرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال العلماء.
فمن القرآن الكريم ، يقول الله تعالى {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} سورة البقرة 272 وقال عز وجل {ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله} سورة البقرة 265 وقوله سبحانه {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} سورة البينة 5 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا ، وأما من السنة النبوية الشريفة ، فحديث الثلاثة النفر الذين آواهم المبيت إلى غار فأطبقت عليهم الصخرة فلم يجدوا سبيلا للنجاة سوا الدعاء واللجوء إلى الله بصالح أعمالهم ، ولذلك كانت نياتهم وإخلاصهم لله سببا قويا لنجاتهم وخروجهم سالمين. رواه البخاري ومسلم .
يقول ابن مسعود رضي الله عنه( لا ينفع قول إلا بعمل ، ولا ينفع قول وعمل إلا بنية ، ولا ينفع قول وعمل ونية إلا باتباع السنة) ، وكان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعو الله بقوله ( اللهم اجعل أعمالي كلها صالحة ولوجهك خالصة ولا تجعل لأحد من خلقك فيها شيئا) ، وهذه الأحاديث والآثار تبين الأهمية العظمى للنية في أعمال العباد القولية والفعلية ، وأنها اختبار لمكامن القلوب وخوافيها ، وأن مدار الحساب يوم القيامة يكون عليها ، فمن سلم قلبه وصحة نيته نجا وقبلت أعماله ، كما قال تعالى { يوم تبلى السرائر } الطارق 9 أي تختبر وقوله عز وجل { أفلا يعلم إذا بعثر مافي القبور وحصل مافي الصدور }العاديات 9-10 فسلامة العبد بسلامة قلبه كما قال عز وجل { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}الشعراء 88-89 .