الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
سلامة الصدر في اللغة: سلم يسلَم بسلامة، يقال: سلم المسافر أي خلص ونجا من الآفات فهو سالم، ومعظم باب هذه المادة من الصِّحة والعافية، فالسلامة: أن يَسْلَم الإنسان من العاهة والأذى، قال أهل العلم: الله جلَّ ثناؤه هو السَّلام، لسلامته مما يَلْحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء، والسَّلام والسَلَامة: البَرَاءة.[1]
وفي الشرع : قال الشَّوكاني: (وأما سَلَامة الصَّدر، فالمراد به: عدم الحقد والغل والبغضاء)[2]فسليم القلب والصَّدر هو من سَلِم وعُوِفي فؤاده من جميع أمراض القلوب وأَدْوَائها، ومن كلِّ آفة تبعده عن الله تبارك وتعالى.
وسلامة الصدر غنيمة الدنيا والآخرة، ففي الدنيا راحة بال، وسلامة بدن، وصفاء نفس، ونقاء سريرة، فالصدر يضم القلب ، والقلب مَعِين الخير والشر، فما حواه القلب والصدر ، فاحت رائحته على محيا الإنسان وبدنه وجوارحه، وأثرت في مجمل تصرفاته، وتحكمت في عواطفه وأحاسيسه، فإن كانت رائحة شر وبلاء أغلقت عليه بصره وبصيرته عن رؤية الحق.
ودين الإسلام وشريعة الرحمن تدعوان إلى العناية بالقلب وسلامة الصدر، والتوقي من دواعي الحسد والضغائن والأحقاد والبغضاء، التي تسبب شق الصف وتفرقة الجمع ، وتأليب النفوس على بعضها، بل تجر إلى قطيعة الرحم، وتفتت المجتمع وبتر أوصاله.
قال صلى الله عليه وسلم( لا تباغضوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)[3]، وقال صلى الله عليه وسلم، حاثًا على المحبة والألفة(والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا)[4]وعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ قال(كل مخموم القلب صدوق اللسان) قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال(هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد)[5] .
ومن العجيب في حياة كثير من الناس اليوم أنهم يتورعون عن أكل الحرام أو النظر الحرام ويتركون قلوبهم ترتع في مهاوي الحقد والحسد والغل والضغينة، قال أحد الفضلاء لأخيه( إنما هي أربع لا غير: عينك ولسانك وقلبك وهواك، فانظر عينك لا تنظر بها إلى ما لا يحل، وانظر قلبك لا يكون منه غل ولا حقد على أحد من المسلمين، وانظر هواك لا يهوى شيئًا من الشر فإذا لم يكن فيك هذه الخصال الأربع فاجعل الرماد على رأسك فقد شقيت)[6].
وبعض الناس يظن أن سلامة القلب تكمن في سهولة غشه وخداعه، والضحك عليه وهذا خلاف المقصود.
وسلامة الصدر نعمة من نعيم الجنة عندما يدخلونها كما قال ربنا جل وعلا (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)[7]، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعضهم مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هُذبوا ونُقوا ، أذن لهم في دخول الجنة)[8] وقال ابن حزم وكأنه يُطل على واقع كثير من المتحاسدين والمتباغضين اليوم، وأصحاب القلوب المريضة:
(رأيت أكثر الناس (إلا من عصم الله وقليل ما هم) يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا ويحتقبون عظيم الإثم الموجب للنار في الآخرة بما لا يحظون معه بنفع أصلاً، من نيات خبيثة يضبون عليها من تمني الغلاء المهلك للناس وللصغار، ومن لا ذنب له، وتمني أشد البلاء لمن يكرهونه، وقد علموا يقينًا أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئًا مما يتمنونه أو يوجب كونه وأنهم لو صَفُّوا نياتهم وحسنوها لتعجلوا الراحة لأنفسهم وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم، ولاقتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد من غير أن يؤخر ذلك شيئًا مما يريدونه أو يمنع كونه، فأي غبن أعظم من هذه الحال التي نبهنا عليها؟ وأي سعد أعظم من الحال التي دعونا إليه)[9].
وكان سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين يمتازون بسلامة الصدر من كل وحر ، فهم نتاجٌ لتربية نبوية على كل فضيلة وخُلق حسن، لا يحملون هما ولا غما لدنيا أو متاع زائل، فضربوا أروع الأمثال في الأخوة الصادقة والمحبة الخالصة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنَّا جلوسًا مع الرَّسول صلى الله عليه وسلم فقال (يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلع رجل من الأنصار، تَنْطِفُ لحيته من وضوئه، قد تَعَلَّق نَعْلَيه في يده الشِّمال، فلمَّا كان الغد، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرَّجل مثل المرَّة الأولى، فلمَّا كان اليوم الثَّالث، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرَّجل على مثل حاله الأولى، فلمَّا قام النَّبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إنِّي لَاحَيْت أبي فأقسمت ألَّا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تُـؤْوِيَني إليك حتَّى تمضي، فَعلتَ. فقال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدِّث أنَّه بات معه تلك الليالي الثَّلاث، فلم يره يقوم من اللَّيل شيئًا، غير أنَّه إذا تعارَّ وتقلَّب على فراشه، ذَكَر الله عزَّ وجلَّ وكبَّر حتَّى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أنِّي لم أسمعه يقول إلَّا خيرًا، فلمَّا مضت الثَّلاث ليال، وكدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، إنِّي لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هَجْرٌ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مِرَار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنَّة، فطلعت أنت الثَّلاث مِرَار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك، فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أنِّي لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق)[10].
أسباب وحر الصدر ومرض القلب :
1 – ضعف العقيدة والوازع الديني : وضعف العقيدة يكون من أسبابه عدم الاهتمام بها الاهتمام المطلوب، وارتكاب ما يناقضها من الأقوال والأفعال، من الشرك والسحر والكهانة، واستحلال الحرام، واستمراء المعاصي من الكبائر، والإصرار على الذنوب، ولذلك كان مثالب الفِرَق والأحزاب والجماعات التي ظهرت وكثرت في هذه الأزمنة ، اضمحلال العقيدة وضعفها، مما أوقع المنتمين لها في سلبيات وأخطاء فادحة أحدثت شرخا عميقا في جدار الأمة وأوهنت قوتها، فتلك الفِرَق سلكت في دعوتها مسلكاً خطيراً، ونافحت عن أمور فرعية وأهملت أساس الدين وقوامه وهي العقيدة الصحيحة. لهذا يجب على كل مسلم أن يهتم بعقيدته وينقيها من الشوائب حتى يلقى الله بصدر وقلب سليم.
2 – ضعف الإيمان وتذبذبه في القلوب ، وعدم الاهتمام بما ينميه ويصلحه من الأعمال الصالحة، والطاعات والقربات، فضعف الإيمان سبب لاستيلاء الشيطان على القلوب وشحن بعضها على بعض، فمن ركائز الإيمان المحبة والألفة والإيثار والحياء والأخلاق الفاضلة، والقناعة بما كتبه الله وقَدَّره، وحب الخير للناس، وتنقية الصدر والقلب من سويداء الغل والحسد والبغضاء، كما قال صلى الله عليه وسلم(لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه)[11].
3 – طاعة الشيطان : فطاعة الشيطان، والاستجابة لوساوسه وخواطره ، التي يُزيغ بها القلوب لشحنها على بعضها، والتحريش المفضي إلى العداوة، سبب لإشعال النار في القلوب، وإذكاء روح التدبير والانتقام، وقد نهى الله عن الالتفات إلى ما يلقيه الشيطان في القلوب، فقال عز وجل (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا)[12] وقال النبي صلى الله عليه وسلم(إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم)[13]، فالتحريش هو سلاح إبليس على بني البشر لإيقاعهم في الرزايا والمصائب، ونشر الفرقة والخلاف بينهم، والله قد أمر عباده بأن يتخذوا إبليس وجنوده عدوا ملازما، فقال عز وجل(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)[14] ،قال ابن كثير رحمه الله(أي : هو مبارز لكم بالعداوة ، فعادوه أنتم أشد العداوة ، وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به ، إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير ، فهذا هو العدو المبين)[15].فحري بالعاقل أن لا يترك لعدوه عليه مدخل يوقعه فيما لا يحب.
4 – الغضب : فالغضب مفتاح كل شر وقد أوصى صلى الله عليه وسلم رجلاً بالبعد عن الغضب فقال(لا تغضب) فرددها مرارًا)[16] ، فإن الغضب طريق إلى التهكم بالناس والسخرية منهم وبخس حقوقهم وإيذائهم وغير ذلك مما يولد البغضاء والفرقة ويشحن النفوس.
5 – النميمة : وهي من أسباب الشحناء وطريق إلى القطيعة والتنافر ووسيلة إلى الوشاية بين الناس وإفساد قلوبهم، وقطع العلائق بينهم وقد ذم الله من يمشي بين الناس بالنميمة، ووصفه بأبشع الأوصاف، فقال سبحانه(هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)[17]، والنمام محروم من دخول الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ)[18] وهو النمام، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن عامة عذاب القبر من باب النميمة، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام مر على قبرين فقال ( إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من البول)[19]، والعاقل ينظر فيما بعد الحياة من أمور لم يحسب لها حساب.
الحسد : وما أدراك ما الحسد الشبح القائم الذي صار حديث المجالس، والغالب على خُطب المنابر والمواعظ ، مَرضت به الأنفس والأبدان، وتفرقت به الأسر والمجتمعات، وقُطعت به الأرحام ،واكتوت بناره العجماوات في البراري والبحار، وانكفأ به الغيث، ونُزعت به البركات، وضاعت به الأعمال الصالحة والحسنات، وحقيقته ومضمونه الأسود هو تمني زوال النعمة عن صاحبها وفي هذا تعدٍ وأذى للمسلمين نهى الله عنه ورسوله، كما قال صلى الله عليه وسلم(إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)[20]، والحسد يولد الغيبة والنميمة والبهتان على المسلمين والظلم والكِبْر ،نار تستعر في جوف الحاسد لا تهدأ أبدا حتى يتحقق له ما يريد من الأذى للمسلمين، يفرح لمصائب إخوانه ، ويبأس ويغتم لما يصيبهم من الخير والنعم، كثير الشماتة بمصائب إخوانه، قد امتلأ قلبه ظلما وظلاما ونفاقا والعياذ بالله( إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ۖ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ)[21]وقال سبحانه(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ)[22].
والحسد صفة اتصف إبليس حين حسد أبونا آدم على نعيم الجنة وما منحه الله من خلقه بيده الكريمة، واتصفت بها اليهود، فقد حسدوا نبينا صلى الله عليه وسلم على النبوة والرسالة، وحسدوا المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله، كما قال سبحانه( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا)[23]، فمن اتصف بهذه الصفة الذميمة، والمرض العضال فقد عمي بصره وبصيرته وأظلم قلبه.
5- التنافس على الدنيا : خاصة في هذا الزمن حيث كثر هذا الأمر واسودت به القلوب وقست ، واصبح الناس فيها كما لو كانوا في غابة يأكل القوي الضعيف، والتنافس على حطام الدنيا الفانية فيه هدم للأخلاق الفاضلة، وتنازل عن المبادئ والكرامات، وإنزال للقيم والمراتب، ولهث وراء سراب يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، كَثُرَت معها الأمراض والعلل، النفسية والبدنية، وضاعت معها الأوقات الفاضلة، وانفرط عقد العمر على غفلة وتيه من صاحبه، فيا ليت شعري كم من الحسرات والندامات على أعمار ضاعت ونفحات طارت، ولكن لا ينفع بكاء وندم بعد فوات.
وقد حذر الله عباده من مغبة الدنيا وزينتها، فقال عز وجل ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[24]، وقال سبحانه (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[25] وقال جل في علاه (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)[26]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع)[27]، وقال عليه الصلاة والسلام(الدنيا سجنُ المؤمن وجنةُ الكافر)[28]، إلى غير ذلك من أدلة الكتاب والسنة التي تذم الدنيا والغارقين في غياهبها، التي شحنت القلوب والصدور بما يضيقها ويحرقها. والعاقل من يتجافى عنها.
6- حب الشهرة والرياسة : وهي داء عضال ومرض خطير، قال الفضيل بن عياض رحمه الله(ما من أحد أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير)[29]، وقال سفيان الثوري( ما أحب أحد الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب، ليتميز هو بالكمال، ويكره أن يذكر الناس أحدا عنده بخير)[30]، كما قال القائل:
وما عبر الإنسان عن فضل نفسه * بمثل اعتقاد الفضل في كل فاضل
وليس من الإنصاف أن يدفع الفتى* يد النقص عنه بانتقاص الأفاضل
وقال الأوزاعي رحمه الله لبقية بن الوليد:
(يا بقية لا تذكر أحدا من أصحاب محمد نبيك صلى الله عليه وسلم إلا بخير، ولا أحدا من أمتك، وإذا سمعت أحدا يقع في غيره، فاعلم أنه إنما يقول: أنا خير منه)[31] أعاذنا الله من مضلات الفتن.
7- كثرة المزاح : فإن كثيره يورث الضغينة ووحر الصدور، ويجر إلى القبيح من القول والعمل، والمزاح كالملح قليله يكفي وإن كثر أفسد وأهلك، والاعتدال مطلوب من المسلم، وليكن قليل مزاحه حق، كما هو شأن نبينا صلى الله عليه وسلم فقد كان يمازح أصحابه ولا يقول إلا حقا.
وبالجملة ، إن سلامة الصدر ونقاء القلب من الركائز التي دعا إليها الإسلام، وحذر مما يضادها، لتعيش الأمة والمجتمع في سلامة ومحبة ووئام، لأن حقيقة وجود الإنسان على الأرض هو عبادة الله وحده لا شريك له بما شرع، والاستعانة بقليل الدنيا مما يعينه على آداء مهمته، فإنه لابد إلى الله عائد، وعلى مهمته مسؤول ومحاسب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
[1] مقاييس اللغة لابن فارس ولسان العرب لابن منظور.
[2] السلوك الإسلامي القويم لابن الشوكاني ص 121.
[3] رواه مسلم.
[4] رواه مسلم.
[5] رواه ابن ماجه.
[6] صفة الصفوة 2/412.
[7] سورة الحجر 47.
[8] رواه البخاري.
[9] رسائل ابن حزم 1/341.
[10] رواه أحمد.
[11] رواه مسلم.
[12] سورة الإسراء 53.
[13] رواه مسلم.
[14] سورة فاطر 6.
[15] تفسير ابن كثير ص 435.
[16] رواه البخاري.
[17] سورة القلم 11.
[18] رواه البخاري ومسلم.
[19] رواه البخاري ومسلم.
[20] رواه أبو داود.
[21] سورة التوبة 50.
[22] سورة المنافقون 4.
[23] سورة النساء 54.
[24] سورة هود 15-16.
[25] سورة فاطر 5.
[26] سورة الحديد 20.
[27] رواه البخاري ومسلم.
[28] رواه مسلم.
[29] الموسوعة الشاملة 1/359.
[30] المرجع السابق.
[31] الموسوعة الشاملة 1/359.