الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
من المفارقات العجيبة في القرآن الكريم، تلك اللمسة البلاغية في قوله عز وجل (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) وفي قوله تعالى(وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ) في كثير من الآيات. فكلمة ( دارهم )وردت مع كلمة ( الرجفة ) وذلك لأن الرجفة تكون في مكانها وفي مكان محدود وليس لها صوت ودوي وضررها على أهل المكان فحسب، فناسب أن تُستخدم معها كلمة ( دارهم ) بالإفراد. بينما كلمة ( ديارهم ) جاءت مع كلمة ( الصيحة ) والصيحة أبلغ وأوسع نطاقا وصوتا ودَويا من الرجفة ، حيث تصيب عددا كبيرا من الديار والعباد ، ولهذا استخدمت معها كلمة ( ديارهم ) بالجمع لمناسبة الحدث. وهذا فيه دلالة على بلاغة وإعجاز القرآن الكريم كلام الله وأنه ليس بكلام بشر، ولا يعتريه باطل ولا تحريف أبد الدهر كما قال عز وجل (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)، فسبحان من هو كلامه وكتابه.