شرح العقيدة الواسطية – توحيد الألوهية – للشيخ محمد العثيمين

القسم الثاني: توحيد الألوهية:
وهو إفراد الله عز وجل بالعبادة؛ بألا تكون عبداً لغير الله، لا تعبد ملكاً ولا نبياً ولا ولياً ولا شيخاً ولا أُمَّاً ولا أباً، لا تعبد إلا الله وحده، فتفرد الله عز وجل وحده بالتأله والتعبد، ولهذا يسمى: توحيد الألوهية، ويسمى: توحيد العبادة، فباعتبار إضافته إلى الله هو توحيد ألوهية، وباعتبار إضافته إلى العابد هو توحيد عبادة.
والعبادة مبنية على أمرين عظيمين، هما المحبة والتعظيم،الناتج عنهما: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً} الأنبياء 90، فبالمحبة تكون الرغبة، وبالتعظيم تكون الرهبة والخوف.
ولهذا كانت العبادة أوامر ونواهي: أوامر مبنية على الرغبة وطلب الوصول إلى الآمر، ونواهي مبنية على التعظيم والرهبة من هذا العظيم.
فإذا أحببت الله عز وجل، رغب فيما عنده ورغب في الوصول إليه، وطلبت الطريق الموصل إليه، وقمت بطاعته على الوجه الأكمل، وإذا عظمته خفت منه، كلما هممت بمعصية، استشعرت عظمة الخالق عز وجل، فنفرت، {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} يوسف 24، فهذه من نعمة الله عليك، إذا هممت بمعصية، وجدت الله أمامك، فهبت وخفت وتباعدت عن المعصية، لأنك تعبد الله رغبة ورهبة.
فما معنى العبادة؟
العبادة: تطلق على أمرين، على الفعل والمفعول.
تطلق على الفعل الذي هو التعبد، فيقال: عبد الرجل ربه عبادة وتعبداً وإطلاقها على التعبد من باب إطلاق اسم المصدر، ونعرفها باعتبار إطلاقها على الفعل بأنها: “التذلل لله عز وجل حباً وتعظيماً، بفعل أوامره واجتناب نواهيه”. وكل من ذل لله عز بالله، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون 8. وتطلق على المفعول، أي: المتعبد به, وهي بهذا المعنى تعرف بما عرفها به شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال رحمه الله: “العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة” مجموع الفتاوى 10/149
هذا الشيء الذي تعبدنا الله به يجب توحيد الله به، لا يصرف لغيره، كالصلاة والصيام والزكاة والحج والدعاء والنذر والخشية والتوكل .. إلى غير ذلك من العبادات.
فإن قلت: ما هو الدليل على أن الله منفرد بالألوهية؟

فالجواب: هناك أدلة كثيرة، منها:
قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} الأنبياء25.
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} النحل 36.
وأيضاً قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} آل عمران 18، لو لم يكن من فضل العلم إلا هذه المنقبة، حيث إن الله ما أخبر أن أحداً شهد بألوهيته إلا أولو العلم، نسأل الله أن يجعلنا منهم: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ} آل عمران 18, بالعدل، ثم قرر هذه الشهادة بقوله: {لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آلعمران: 18] ,فهذا دليل واضح على أنه لا إله إلا الله عز وجل، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنتم تشهدون أن لا إله إلا الله.
هذه الشهادة الحق؛ إذا قال قائل: كيف تقرونها مع أن الله تعالى يثبت ألوهية غيره، مثل قوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} [القصص: 88]، ومثل قوله: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: 117]، ومثل قوله: {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [هود: 101]، ومثل قول إبراهيم: {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} [الصافات: 86]  إلى غير ذلك من الآيات، كيف تجمع بين هذا وبين الشهادة بأن لا إله إلا الله؟
فالجواب: أن ألوهية ما سوى الله ألوهية باطلة، مجرد تسمية، {إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 23]، فألوهيتها باطلة، وهي وإن عبدت وتأله إليها من ضل، فإنها ليست أهلا لأن تعبد، فهي آلهة معبودة، لكنها آلهة باطلة، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [لقمان: 30].
وهذا النوعان من أنواع التوحيد لا يجحدهما ولا ينكرهما أحد من أهل القبلة المنتسبين إلى الإسلام، لأن الله تعالى موحد بالربوبية والألوهية، لكن حصل فيما بعد أن من الناس من ادعى ألوهية أحد من البشر، كغلاة الرافضة مثلاً، الذين يقولون: إن علياً إليه، كما صنع زعيمهم عبد الله بن سبأ، حيث جاء إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال له: أنت الله حقاً‍! لكن عبد الله بن سبأ أصله يهودي دخل في دين الإسلام بدعوى التشيع لآل البيت، ليفسد على أهل الإسلام دينهم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: “إن هذا صنع كما صنع بولص حين دخل في دين النصارى ليفسد دين النصارى” اللاكائي في “شرح السنة” (2823) . هذا الرجل عبد الله بن سبأ قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنت الله حقاً! وعلي ابن أبي طالب لا يرضى أن أحداً ينزله فوق منزلته هو حتى إنه رضي الله عنه من إنصافه وعدله وعلمه وخبرته كان يقول منزلته هو حتى إنه رضي الله عنه من إنصافه وعدله وعلمه وخبرته كان يقول على منبر الكوفة: “خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر” رواه الإمام أحمد في “المسند” (1/ 110)، يعلن ذلك في الخطبة، وقد تواتر النقل عنه بذلك رضي الله عنه، والذي يقول هكذا ويقر بالفضل لأهله من البشر كيف يرضي أن يقول له قائل: إنك أنت الله؟ ‍! ولهذا عزرهم أبشع تعزير، أمر بالأخاديد فخدت، ثم ملئت حطباً وأوقدت، ثم أتى بهؤلاء فقذفهم في النار وأحرقهم بها، لأن فريتهم عظيمة ـ والعياذ بالله ـ وليست هينة،ويقال: إن عبد الله بن سبأ هرب ولم يمسكوه المهم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحرق السبئية بالنار، لأنهم ادعوا فيه الألوهية.
فنقول: كل من كان من أهل القبلة لا ينكرون هذين النوعين من التوحيد: وهما: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وإن كان يوجد في بعض أهل البدع من يؤله أحداً من البشر.
لكن الذي كثر فيه النزاع بين أهل القبلة هو:
القسم الثالث وهو توحيد الأسماء والصفات:
هذا هو الذي كثر فيه الخوض، فانقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام، وهم: ممثل، ومعطل، ومعتدل، والمعطل: إما مكذب أو محرف.
وأول بدعة حدث في هذه الأمة هي بدعة الخوارج، لأن زعيمهم خرج على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذو الخويصرة من بني تميم، حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم ذهبية جاءت فقسمها بين الناس، فقال له هذا الرجل: يا محمد! ‍ اعدل رواه البخاري (3610) , ومسلم (1064) (148) ‍! فكان هذا أول خروج خُرِج به على الشريعة الإسلامية، ثم عظمت فتنتهم في أواخر خلافة عثمان وفي الفتنة بين علي ومعاوية، فكفروا المسلمين واستحلوا دماءهم.ثم حدثت بدعة القدرية مجوسي هذه الأمة الذين قالوا: إن الله سبحانه وتعالى لم يقدر أفعال العباد وليست داخلة تحت مشيئته وليست مخلوقة له، بل كان زعماؤهم وغلاتهم يقولون: إنها غير معلومة لله، ولا مكتوبة في اللوح المحفوظ، وأن الله لا يعلم بما يصنع الناس، إلا إذا وقع ذلك ويقولون: إن الأمر أُنف، أي: مستأنف وهؤلاء أدركوا آخر عصر الصحابة، فقد أدركوا زمن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعبادة بن الصامت وجماعة من الصحابة، لكنه في أواخر عصر الصحابة.
ثم حدثت بدعة الإرجاء وأدركت زمن كثير من التابعين، والمرجئة هم الذين يقولون: إنه لا تضر المعصية مع الإيمان تزني وتسرق وتشرب الخمر، وتقتل ما دمت مؤمنا، فأنت مؤمن كامل الإيمان وإن فعلت كل معصية‍!
لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن كلام القدرية والمرجئة حين رده بقايا الصحابة كان في الطاعة والمعصية والمؤمن والفاسق، لم يتكلموا في ربهم وصفاته.
فجاء قوم من الأذكياء! ممن يدعون أن العقل مقدم على الوحي، فقالوا قولا بين القولين ـ قول المرجئة وقول الخوارج ـ قالوا: الذي يفعل الكبيرة ليس بمؤمن كما قاله المرجئة، وليس بكافر كما قاله الخوارج، بل هو في منزلة بين منزلتين، كرجل سافر من مدينة إلى أخرى فصار في أثناء الطريق، فلا هو فيمدينته ولا في التي سافر إليها، بل في منزلة بين منزلتين، هذا في أحكام الدنيا، أما في الآخرة، فهو مخلد في النار، فهم يوافقون الخوارج في الآخرة، لكن في الدنيا يخالفونهم.
ظهرت هذه البدعة وانتشرت، ثم حدثت بدعة الظلمة والجهمة، وهي بدعة جهم بن صفوان وأتباعه، ويسمون الجهمية، حدثت هذه البدعة، وهي لا تتعلق بمسألة الأسماء، والأحكام، مؤمن أم كافر أم فاسق، ولم في منزلة بين منزلتين، بل تتعلق بذات الخالق.
انظر كيف تدرجت البدع في صدر الإسلام، حتى وصلوا إلى الخالق جل وعلا، وجعلوا الخالق بمنزلة المخلوق، يقولون كما شاؤوا، فيقولون: هذا ثابت لله، وهذا غير ثابت، هذا يقبل العقل أن يتصف الله به، وهذا لا يقبل العقل أن يتصف به، فحدثت بدعة الجهمية والمعتزلة، فانقسموا في أسماء الله وصفاته إلى أقسام متعددة:
1 – قسم قالوا: لا يجوز أبداً أن نصف الله لا بوجود ولا بعدم، لأنه إن وصف بالوجود، أشبه الموجودات، وإن وصف بالعدم، أشبه المعدومات، وعليه يجب نفي الوجود والعدم عنه، وما ذهبوا إليه، فهو تشبيه للخالق بالممتنعات والمستحيلات، لأن تقابل العدم والوجود تقابل نقيضين، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، وكل عقول بني آدم تنكر هذا الشيء ولا تقبله، فانظر كيف فروا من شيء فوقعوا في أشر منه!2 – وقسم آخر قالوا: نصفه بالنفي ولا نصفه بالإثبات، يعني: أنهم يجوزون أن تسلب عن الله سبحانه وتعالى الصفات لكن لا تثبت، يعني: لا نقول: هو حي، وإنما نقول: ليس بمبيت! ولا نقول: عليم، بل نقول: ليس بجاهل  وهكذا. قالوا: لو أثبت له شيئاً شبهته بالموجودات، لأنه على زعمهم كل الأشياء الموجودة متشابهة، فأنت لا تثبت له شيئاً، وأما النفي، فهو عدم، مع أن الموجود في الكتاب والسنة في صفات الله من الإثبات أكثر من النفي بكثير.
قيل لهم: إن الله قال عن نفسه: سميع بصير!
قالوا: هذا من باب الإضافات، بمعنى: نُسِب إليه السمع لا لأنه متصف به، ولكن لأن له مخلوقا يسمع، فهو من باب الإضافات، فـ (سميع)، يعني: ليس له سمع، لكن له مسموع. وجاءت طائفة ثانية، قالوا: هذه الأوصاف لمخلوقاته، وليست له، أما هو، فلا يثبت له صفة.
3 – وقسم قالوا: يثبت له الأسماء دون الصفات، وهؤلاء هم المعتزلة أثبتوا أسماء الله، قالوا: إن الله سميع بصير قدير عليم حكيم  لكن قدير بل قدرة، سميع بلا سمع بصير بلا بصر، عليم بلا علم، حكيم بلا حكمة.
وقسم رابع قالوا: نثبت له الأسماء حقيقة، ونثبت له صفات معينة دل عليها لعقل وننكر الباقي، نثبت له سبع صفات فقط والباقي ننكره تحريفاً لا تكذيباً، لأنهم لو أنكروه تكذيباً،كفروا، لكن ينكرونه تحريفاً وهو ما يدعون أنه “تأويل”.
الصفات السبع هي مجموعة في قوله:
له الحياة والكلام والبصر  سمع إرادة وعلم واقتدر
فهذه الصفات نثبتها لأن العقل دل عليها وبقية الصفات ما دل عليها العقل، فنثبت ما دل عليه العقل، وننكر ما لم يدل عليه العقل وهؤلاء هم الأشاعرة، آمنوا بالبعض، وأنكروا البعض.
فهذه أقسام التعطيل في الأسماء والصفات وكلها متفرعة من بدعة الجهم، “ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة” (1).
فالحاصل أنكم أيها الإخوة لو طالعتم في كتب القوم التي تعتني بجمع أقاويل الناس في هذا الأمر، لرأيتم العجب العجاب، الذي تقولون: كيف يتفوه عاقل ـ فضلاً عن مؤمن ـ بمثل هذا الكلام؟! ولكن  من لم يجعل الله له نوراً، فما له من نور! الذي أعمى الله بصيرته كالذي أعمى الله بصره، فكما أن أعمى البصر لو وقف أمام الشمس التي تكسر نور البصر لم يرها، فكذلك من أعمى الله بصيرته لو وقف أمام أنوار الحق ما رآها والعياذ بالله.
ولهذا ينبغي لنا دائماً أن نسأل الله تعالى الثبات على الأمر،وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا لأن الأمر خطير، والشيطان يدخل على ابن آدم من كل صوب ومن كل وجه ويشككه في عقيدته وفي دينه وفي كتاب الله وسنة رسوله فهذه في الحقيقة البدع التي انتشرت في الأمة الإسلامية.
ولكن ولله الحمد ما ابتدع أحد بدعة، إلا قيض الله له بمنه وكرمه من يبين هذه البدعة ويدحضها بالحق وهذا من تمام مدلول قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، هذا من حفظ الله لهذا الذكر، وهذا أيضاً هو مقتضى حكمة الله عز وجل، لأن الله تعالى جعل محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، والرسالة لابد أن تبقى في الأرض، وإلا لكان للناس حجة على الله وإذا كانت الرسالة لابد أن تبقى في الأرض، لزم أن يقيض الله عز وجل بمقتضى حكمته عند كل بدعة من يبينها ويكشف عورها، وهذا هو الحاصل، ولهذا أقول لكم دائماً: احرصوا على العلم، لأننا في هذا البلد في مستقبل إذا لم نتسلح بالعلم المبني على الكتاب والسنة، فيوشك أن يحل بنا ما حل في غيرنا من البلاد الإسلامية، وهذا البلد الآن هو الذي يركز عليه أعداء الإسلام ويسلطون عليه سهامهم، من أجل أن يضلوا أهلها، فذلك تسلحوا بالعلم، حتى تكونوا على بينة من أمر دينكم وحتى تكونوا مجاهدين بألسنتكم وأقلامكم لأعداء الله سبحانه وتعالى.
وكل هذه البدع انتشرت بعد الصحابة، فالصحابة رضي اللهعنهم لم يكونوا يبحثون في هذه الأمور، لأنهم يتلقون الكتاب والسنة على ظاهرهما وعلى ما تقتضيه الفطرة، والفطرة السليمة سليمة، لكن أتى هؤلاء المبتدعون، فابتدعوا في دين الله تعالى ما ابتدعوا، إما لقلة علمهم، أو لقصور فهمهم، أو لسوء قصدهم، فأفسدوا الدنيا بهذه البدع التي ابتدعوها، ولكن كما قلنا: إن الله تعالى بحكمته وحمده ومنته وفضله ما من بدعة خرجت إلا قيض الله لها من يدحضها ويبينها.
ومن جملة الذين بينوا البدع وقاموا قياماً تاماً بدحضها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأسأل الله لي ولكم أن يجمعنا في جنات النعيم.
هذا الرجل الذي نفع الله بما آتاه من فضله ومن على الأمة بمثله ألف هذه “العقيدة” كما قلت إجابة لطلب أحد قضاة واسط الذي شكا إليه ما كان الناس عليه من البدع وطلب منه أن يؤلف هذه “العقيدة” فألفها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *