عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى ) رواه البخاري ومسلم .
(أمرت) فعل مبني للمجهول ، حذف الفاعل هنا لأنه معلوم (فالمسلم يعرف جبلة أن الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم هو الله عز وجل) وقد ورد الأمر في مواضيع كثيرة تتعلق بالأمور الشرعية والكونية، ففي الأمور الكونية كقول الله عز وجل( وخلق الإنسان ضعيفا) وقوله سبحانه(خلق الإنسان من عجل) ، وأما الأمور الشرعية فكقوله صلى الله عليه وسلم(أمرت أن أسجد على سبعة أعظم).
(أمرت) أي أمرني ربي- فالآمر هو الله عز وجل والمأمور نبينا صلى الله عليه وسلم، والمأمور به(أقاتل الناس) .
(أن أقاتل الناس) أي أمرت أن أقاتل الكفار، والمقصود من المقاتلة الإذعان والخضوع لأمر الله، بخلاف القتل وهو الإبادة ، فلم يقل أقتل الناس، بل قال أقاتل، فالمقاتلة أوسع معنى من القتل،كما قال عز وجل( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي….)فأمر بالمقاتلة وهي الإخضاع والإذعان والمجاهدة ورد الباغي إلى الحق وردعه عن الباطل، ولم يأمر بالقتل الذي يبيد وينهي حياة الناس. وقد قاتل أبو بكر رضي الله عنه مانعي الزكاة حتى أذعنوا لأمر الله ورسوله ولم يقتلهم.
( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) حتى: تدل على الغاية،بمعنى إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، أن يشهدوا بقلوبهم والسنتهم ، وإذا شهد بالنطق واللسان، فهذا يكفي، إذ لنا الظاهر والقلوب مردها إلى الله.
(وأن محمدا رسول الله) لا بد من النطق بها مع شطرها الأول، وإذا نطق بالشهادتين فإنه يحرم عليه الشرك مع الله أو الطواف حول القبور، أو يذبح لغير الله، أو يترك شيئا من العبادات كالصلاة والزكاة وغيرها، فهذه هي غاية المقاتلة.
(ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) أ يؤدوها كما شرعها الله.
(فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى ) أي إا أقاموا ما سبق فقد منعوا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، أي بما أوجبه الإسلام من حدود كحد الزنا والقصاص وغيرها.