الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .وبعد:
من الدقة المتناهية والمفارقات العجيبة في القرآن الكريم في البحث عن الحق والالتزام به ،ونبذ الغلو والتعصب للأشخاص والآراء ما ذكره الله في قوله تعالى( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) فذكر في الآية(فَبِهُدَاهُمُ) ولم يقل ( فَبِهِم) أي فبالهدى الذي عرفوه وساروا عليه، والمنهج الذي سلكوه من الكتاب والسنة وهو المُعْتَبر. فليس العبرة بالأشخاص وإنما بالمنهج ، لأن العبرة بالأشخاص تُفضي إلى التعصب والغلو فيهم وإن كانوا على خطأ. والصحيح عكس ذلك، فالعدل أن نربط الرجال بالحق، ولا نربط الحق بالرجال ، وموافقة الكتاب والسنة والدليل الصحيح هو المعتبر في كل حال ، فالمسلم يسعى دائما للبحث عن الحق المتوج بدليل الكتاب والسنة ، كما قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله ( العبرة بالمنهج لا بالأشخاص فلا تتعصب لداعية إن حاد عن طريق الحق ، فإن الحق ليس بكثرة الرجال وإنما بموافقة الكتاب والسنة) فالعاقل يجعل همه الحق والوصول إليه دون النظر لذوات الأشخاص، والحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنى وجدها، وهذا هو سبيل أهل الحق، ودأب ركب الصالحين، والحق كل الحق فيما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.