الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
اعلم يا رعاك الله أن التذكير بالماضي ونبش أحداثه خصوصاً في الخلافات والسلبيات والمشاكل في أغلبه يثير الحزازيات ويُعقد الأمور، ويثير كوامن القلوب والصدور، ويقف عائقاً أمام الإصلاح، ولا سيما بين الأقارب والأصحاب، ولذلك إذا عفا المرء عن مسيئ إليه ، فلا يذكر ماضي الإساءة، بل يدع العفو على ما هو عليه إحساناً ومعروفاً، وقد تجسد هذا الأمر في قصة يوسف عليه السلام مع إخوته، وكيف أنه بلغ أعلى مراتب الأخلاق ،وأعلى درجات العفو ، فعندما قال(وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ ) ولم يقل قبلها أخرجني من البئر أو الجُب بعدما تركتموني فيه، لأنه قد عفا عنهم بقوله(قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فتذكيرهم بالماضي لا مكان له مع العفو، بل بداية جديدة وحياة أرحب مما سبق ، هكذا يعقوب عليه السلام عندما اعترف أبناءه بالخطأ وطلبوا العفو، لم يرجع بهم إلى سجل الأخطاء، ويؤنبهم على ما فعلوا بأخيهم، بل عفا وقال(قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، وبهذا عادت الأسرة بأكملها إلى محيط الألفة والترابط، متناسين أيام البؤس والتباعد وحزازيات النفوس، وعلموا أيضاً أن هذا ابتلاء لأبيهم وأخيهم، ولكن من كان في حفظ الله ورعايته فلن يضل أبدا.
وهذا من أساسيات العقيدة، وركائز الإيمان(احفظ الله يحفظك…..)، ولذلك يجب أن نستفيد من هذا القصص العظيم في حياتنا، ويكون العفو سترا لما سبقه من الأذى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.