الحديث الأربعون (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل….)

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريبٌ، أو عابر سبيلٍ).وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر الـمساء، وخُذْ مِن صحتك لِمرَضِك، ومن حياتك لِمَوتك) رواه البخاري.

هذا الحديث في بيان لحقارة الدنيا وهوانها على الله، ولو كانت تساوي جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة ماء، وأن على المسلم ألا يركن إليها ولا يأمنها،بل يتخذها معبرا ومطية للآخرة، وأنه موكل بمهمة مناطة به، ينتهي منها ويعود إلى الله كما خلقه أول مرة، وهي تحقيق العبودية لل عز وجل والقيام بما أوجب عليه من الطاعات والعبادات.

(أخذ بمنكبي) أي أمسك بكتفي من الأمام، وهذه من أضل طرق التعليم واستثارة إنتباه المتعلم،فيما يقتضي سماعه.

(كن في الدنيا كأنك غريبٌ، أو عابر سبيلٍ) الغريب هو من يكون في غير بلده،حيث يحس بالغربة ،وأن هذا ليس موطنه،ولا بد له من مغادرته،فهو يحرص على آداء مهمته في هذا البلد ومن ثم يعود،فكذلك المسلم في هذه الدنيا بمثابة الغريب الذي لا قرار له فيها،حالما تنقضي مهمته وينقضي عمره ،يعود إلى الله عز وجل، ومثله عابر السبيل الذي يعبر المكان أوالبلد وليس له به مقام ،فكذلك المسلم يعبر الدنيا ليس له بها قرار ليصل إلى الآخرة محط رحاله، ولذلك وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأدق وصف فقال عليه الصلاة والسلام (ما لي وللدنيا ؟! ما أنا والدنيا ؟! إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ، ثم راح وتركها ) صححه الألباني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

وقول ابن عمر رضي الله عنهما (إذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظر الـمساء، وخُذْ مِن صحتك لِمرَضِك، ومن حياتك لِمَوتك) يدل على أن المسلم لا يعلم متى سيرحل إلى الدار الآخرة، ولذلك عليه أن يعمل ويجتهد ولا يؤخر ملا يصلح تأخيره، ولهذا نجد عند الناس مثلا سائدا يقول (إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) وهذا من ناحية المعنى صحيح ،حيث أن معناه لاتهمك الدنيا ولا تنهك فكرك وبدنك فيها فمالم تدركه اليوم ستدركه غدا إذا كان قد كتب لك ،ولا تؤجل وتؤخر عمل الآخرة فقد لا تدركه، فلو كنا نعمل بقول ابن عمر لهانت الدنيا في أعيننا ولما أعرناها أي اهتمام،ولجعلناها دار عبور فقط.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله(ينبغي للمسلم أن يجعل المال كأنه حمار يركبه،أو كأنه بيت الخلاء يقضي فيه حاجته فهذا هو الزهد) وللأسف أكثر الناس اليوم يجعلون المال هدفا وغاية فيركبهم المال ويفوت عليهم خير كثير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *