وصف النبي صلى الله عليه وسلم النار وصفا دقيقا تشيب له الرؤوس وتقشعر له الأبدان ،يحدوا بالمسلم إلى الخوف والحذر، والبعد عن كل ما يخالف أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ،فبين لنا أمرها وحقيقتها واتساعها وبعد قعرها،نسأل الله السلامة منها ومن حرها.
قعرها وعمقها:
وأما قعرها وعمقها فعن خالد بن عمير قال: خطب عتبة بن غزوان فقال: إنه ذُكِر لنا (أي ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم) أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاماً لا يدرك لها قعراً والله لَتُملأَن أفعجبتم(رواه مسلم ،وعن عتبة بن غزوان أنه قال على منبر البصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين وما تقض إلى قرارها،
وقال: وكان عمر رضي الله عنه يقول: (أكثروا ذكر النار, فإن حرها شديد, وإن قعرها بعيد, وإن مقامعها من حديد) رواه الترمذي.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فسمعنا وجبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفاً ( رواه مسلم ،وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال)لو أن حجراً قذف به في نار جهنم لهوى فيها سبعين خريفاً قبل أن يبلغ قعرها (رواه ابن حبان في صحيحه.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال (إن ما بين شفير جهنم مسيرة سبعين خريفاً من حجر يهوي أو صخرة تهوي عظمها كعشر عشراوات (أي نوق عشارية عظام سمان) فقال له رجل تحت ذلك شيء يا أبا أمامة؟ قال: نعم غي وآثام). (غي) اسم لوادي في جهنم لو سُيرت فيه جبال الدنيا كلها لذابت من شدة حره) و (آثام) أيضا إسم لواد في جهنم،وقيل معناها عذاب شديد جراء الإثم والمعصية.
قال الحافظ في التخويف (غي وآثام) هما: بئران يسيل فيهما صديد أهل النار وهما اللتان ذكرهما الله في كتابه [فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم: 59 وفي [الفرقان يَلْقَ أَثَامًا [الفرقان: 68. وعن عبد الله عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من حَكَمٍ يحكم بين الناس إلا حبس يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقفه على شفير جهنم، ثم يرفع رأسه إلى الله عز وجل فإذا قال: ألقه، ألقاه في مهوي أربعين خريفاً) رواه أحمد والنسائي بسند حسن.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار) وفي لفظ (يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها في النار سبعين خريفاً) رواه أحمد والترمذي بسند صحيح.هذا هو عمق جهنم فكف بسعتها،نسأل الله السلامة منها.
وأما سعتها ، فقد روى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال( أتدرون ما سعة جهنم؟ قلنا: لا، قال: أجل والله ما تدرون, ما بين شحمة أذن أحدهم وعاتقه مسيرة سبعين خريفاً، تجري فيه أودية القيح والصديد والدم، قلنا: أنهار؟ قال: لا بل أودية، ثم قال: أتدرون ما سعة جهنم؟ قلنا: لا، قال: حدثتني عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} الزمر 67] فأين الناس يومئذ؟ قال: على جسر جهنم]رواه أحمد والحاكم بسند صحيح.
ألا وإن دروب السلامة، ووسبل النجاة معلومة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أخذ بها سَلِم ونجا، ومن تنكبها هلك وهوى.