هل حانت سُنَّةُ الإستبدال!!!!؟
إن من ينظر إلى الواقع المؤلم، والتفلت الصارخ من عرى الدين وأوامره وفرائضه وحدوده في هذه الأزمنة المتأخرة،وخصوصا في صفوف النساء، وثنايا الأسر ،وما استجد ويستجد من قرارات ، ليستشرف المستقبل القريب بأن سنة الإستبدال على مشارف الأمة،وأبواب المجتمع،فالمتغيرات التي نشاهدها في حياة الناس ،وفي أحوال المجتمع، من تفلت من أوامر الشرع ،واستئساد الباطل وأهله ،وذهاب الحياء من النساء،وتنصل كثير من أولياء أمور الأسر من مسئولياتهم،والإستسلام من قبل الكثيرين لفرضيات الواقع،وانتشار المعاصي والبلايا مجاهرة، وخروج من دين الإسلام من قبل فئام من الرجال والنساء والفتيات والشباب، واختلاط في المحافل والأعمال وفي البيع والشراء، وتبرج وسفور،واستباحة للمحرمات،وموت للغيرة في قلوب كثير من الرجال، ماهي إلا إرهاصات لواقع قريب لا يمكن رده، إذا لم ترجع الأمة،ويئوب المجتمع إلى دينهم، ويمتثلوا أوامر ربهم،وهدي نبيهم صلى الله عليه وسلم.
وقد قرر الله ذلك في كتابه الكريم،بأن سنة الاستبدال كائنة لا محالة في حال استمرت الأمة ،وتمادى المجتمع في غيهم وبعدهم عن الدين، كما قال عز وجل ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم) محمد 38 ،قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله(وإن تتولوا أيها الناس عن هذا الدين الذي جاءكم به محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فترتدّوا راجعين عنه ( يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) يقول: يهلككم ثم يجيء بقوم آخرين غيركم بدلا منكم يصدّقون به, ويعملون بشرائعه) وقال ابن كثير رحمه الله( وإن تتولوا ) أي : عن طاعته واتباع شرعه ( يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) أي : ولكن يكونون سامعين مطيعين له ولأوامره) وقال الإمام عبدالعزيز ابن باز رحمه الله(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا أَيْ عَنْ طَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ شَرْعِهِ (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) أَيْ: وَلَكِنْ يَكُونُونَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ لَهُ وَلِأَوَامِرِهِ) إنتهى كلامه رحمه الله، وقال جل وعلا في موضع آخر( إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا ) النساء 133، أي : هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه ، وقال بعض السلف : (ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره ).
ولقد تراجعت الأمة في هذه الأزمنة في كثير من شروط تمكينها في الأرض ،ومن ذلك إضاعة الصلاة والتهاون فيها،والشح في الزكاة ومنعها من مستحقيها،وغياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،ومحاربة أهل الفضل والخير والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وضعف سنة المدافعة والدعوة إلى اللهوركون الكثيرين إلى الدنيا وملاذها ،وغير ذلك مما كان سببا لضياع الدين،واندراس الهوية،وتمييع الغيرة على محارم الله، واستشراف سنة الاستبدال، وليس بالضرورة أن يكون استبدالها بهلاكها، وإنما بطريقة ضعفها واستكانتها وهوانها ،ونقل راية العزة والرفعة والمنعة والسيادة لغيرها من الأمم.
ولذلك يجب على الأمة استحضار هذا الأمر الجلل،والعودة إلى دينها وهدي نبيها صلى الله عليه وسلم، وأن تقيم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وتحفظ أركان دينها وأعراضها،وأن تتنبه لمراد اعداءها منها ،فلا زال الله ممهلها ومعطيها الفرصة السانحة لترجع وتئوب،إن لم تفعل فستكون هي الضائعة والضحية وأما دين الله فهو محفوظ يهيأ الله له من يقوم بأمره.