الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .وبعد:
تُعد السنوات الأخيرة وما بعدها منعطفا خطيرا في حياة الأمة،سنوات التمحيص والتمييز والتي كشفت كوامن الإيمان ،وصلابة العقيدة عند كل مسلم ومسلمة، وتميزت الفئة المؤمنة المتمسكة بدينها وهدي نبيها صلى الله عليه وسلم من الفئة التي سلكت مسالك الغواية،وتنكبت سبيل نبيها عليه الصلاة والسلام ،وذابت في أحضان الفرق الضالة،وانهمكت في مطالب الدنيا وشهواتها.
والتمحيص سُنَّة ماضية، وحكمة بالغة لا يدركها إلا من وفقه الله لإدراكها، فما الأحداث والبلاءات والمصائب والكوارث والمواقف والفتن المتلاطمة التي تمر بها الأمة وخصوصا في هذه الأزمنة المتأخرة ،إلا إرهاصا لنفض غبار القلوب،واستنهاض مكنونات الصدور ،وتمييز الخبيث من الطيب،واستجلاءأهل الإيمان من أهل النفاق،وأهل الأهواء والزيغ والضلال من أهل الهداية والاستقامة،كما قال عز وجل(وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) آل عمران 141 ،وقال سبحانه (مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) آل عمران179،وقال عز وجل (وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور)آل عمران154، وقال عز وجل(وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَة) الأنبياء35، وقال تعالى (الم*أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين) العنكبوت23 ،وقال سبحانه في صفة الإبتلاء والاصطفاء (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ ونبلُوَ أخبارَكم) محمد31 وغيرها من الآيات المبيّنة لسنّة التمحيص والتمايُز بين العباد.
وعن أبي عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله ﷺ وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال( قد كان مَن قبلكم يُؤخذ الرجل فيُحفر له في الأرض، فيُجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه، واللهِ ليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلون) رواه البخاري .
والتمحيص ظاهره الآلام والأوجاع والنكبات وتسلط الأعداء وتعاقب الفتن وحيرة القلوب والعقول أمامها،وضنك العيش والفقر والظلم وشدة المؤونة ،ولكن في بواطنه الخير للمؤمنين بتمييزهم عن غيرهم،والإرتقاء بهم وتثبيتهم على المنهج القويم،منهج أهل السنة والجماعة،وإخراجهم من ثنايا الأزمات والبلايا،وإعادة التراص الصحيح للمجتمع المسلم الذي تخلخله الفتن والمآسي والنكبات.
وإلا فالله جل وعلا قادر على أخذ الأعداء وأهل النفاق ،وإخماد شوكتهم، والانتصار للمؤمنين ولكن لحكمة يريدها،وسُنن يجريها، وإبتلاء واختبار لمدخرات الإيمان وكوامن الصبر،وكمال الانقياد لله تعالى،كما قال عز وجل (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْض) محمد4.
وبعد البلاء وشدة الآلام، يتجلى النصر،ويسود الفرح قلوب وأبصار المؤمنين،ويتجلى التمحيص، ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ ) الروم 5 ،وتنزل الرحمات على المؤمنين،وينزل العذاب والخذلان على المنافقين،ويظهر عدل الله،ويتميز الخبيث من الطيب،والصحيح من السقيم،والخير من الشر،ويظهر الفجر بعد طول ظلام،وتتجلى العبودية الخالصة لله من المؤمنين عن عبودية ما دونه .
والتمحيصٌ الداخليٌّ للمجتمع الإسلامي من أعظمِ فوائدِ التمحيص رغم المآسي والجراحات والآلام التي تتخلّل أيام التمحيص ولياليه، ولذلك يقول الله تعالى(مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) آل عمران179،قال ابن كثير رحمه الله(أي لا بد أن يعقد سببا من المحنة ، يظهر فيه وليه ، ويفتضح فيه عدوه ، يعرف به المؤمن الصابر ، والمنافق الفاجر ،يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن به المؤمنين ، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وهتك به ستر المنافقين ، فظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد وخيانتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا قال ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب)[تفسير ابن كثير ص 73] .
إن المنافقين وأصحاب الوجوه المتلونة والمتبدلة التي تسير مع المصالح والمنافع، والذين يندسون في ثنايا صفوف الأمة والمجتمعات، والذين يظهرون الولاء للأمة،وللمؤمنين المحبة والإخاء،ولكنهم في سويداء قلوبهم يتربصون بالمؤمنين الدوائر،ويحيكون لهم المكايد، فإن كان لهم نصر قالوا إنَّا معكم، وإن لم يكن لهم نصرٌ انضمُّوا إلى إخوانهم وأوليائهم من أهل الزيغ والضلال، وهؤلاء هم مَن ذَكَرَهُم الله تعالى بقوله(فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِين) النساء141.
ولذلك كان من فوائد التمحيص في الأزمات التي تمر بالأمة انكشاف المنافقين والمرجفين المندسين في صفوف وثنايا المجتمع المسلم ،وافتضاح أمرهم وخباياهم أمام الملأ،وظهور موالاتهم لأعداء الله وميولهم لمصالحهم،كما قال سبحانه(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين) العنكبوت3، وقوله عز وجل (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ) العنكبوت11، وقوله تعالى (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) آل عمران167-168 ،قال الإمام الطبري رحمه الله (وليعلمنّ الله أولياء الله، وحزبه أهل الإيمان بالله منكم أيها القوم، وليعلمنّ المنافقين منكم حتى يميزوا كلّ فريق منكم من الفريق الآخر، بإظهار الله ذلك منكم بالمحن والابتلاء والاختبار)[تفسير الطبري ص 397]، (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم – يعني حين خرج إلى أُحد – في ألف رجل من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة، انخزل عنهم عبدالله بن أبيّ ابن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم فخرج وعصاني! والله ما ندري علامَ نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس!! فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه من أهل النفاق وأهل الريْب، واتبعهم عبدالله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول: يا قوم، أذكّركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوّهم! فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أن يكون قتال! فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدَكم الله أعداء الله! فسيُغني الله عنكم! ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم)[سيرة ابن هشام 3/68].
هؤلاء الصَّلفون محترفون في التلون والتمويه والخداع ،فمنهم من يلبسون لباس العلم،ومنهم من يظهرون بمظاهر أهل التقى والصلاح فإذا انقلبوا إلى أقرانهم خلعوا هذا اللباس واستبدلوه بلباسهم وقناعهم الحقيقي،ومنهم من يظهر حال النعم والأمن والرخاء بلباس المدح والنصح والإرشاد وحب الخير والوفاء،وحال الفتن والمصائب والقلاقل يظهر معدنه وقناعه الحقيقي بما فيه من البلاء والدخن،ولا يصمد أمام المحن والمصائب، ولربما ارتد عن الدين، كما قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ۚ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ) سورة العنكبوت 10، قال ابن كثير رحمه الله(قوله تعالى مخبرا عن صفات قوم من [المكذبين] الذين يَدَّعون الإيمان بألسنتهم ، ولم يثبت الإيمان في قلوبهم ، بأنهم إذا جاءتهم فتنة ومحنة في الدنيا ، اعتقدوا أن هذا من نقمة الله تعالى بهم ، فارتدوا عن الإسلام ولهذا قال ( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله )،قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني فتنته أن يرتد عن دينه إذا أوذي في الله، وكذا قال غيره من علماء السلف ، وهذه الآية كقوله تعالى(ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) الحج 11 ،ثم قال (ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم) أي ولئن جاء نصر قريب من ربك – يا محمد – وفتح ومغانم ، ليقولن هؤلاء لكم إنا كنا معكم ، أي[ كنا] إخوانكم في الدين ، كما قال تعالى ( الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين) النساء 141 ، وقال تعالى(فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) المائدة 52 ،
وقال تعالى مخبرا عنهم هاهنا ( ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم) ، ثم قال تعالى ( أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين)أي أوليس الله بأعلم بما في قلوبهم، وما تكنه ضمائرهم ، وإن أظهروا لكم الموافقة ؟[تفسير ابن كثير ص 397]
ولقد أثبتت الأحداث التي مرت بالأمة أن الفئة القليلة المُوحِدَة المؤمنة الثابتة على منهج أهل السنة والجماعة ،الفئة الصادقة الوفية الممحصة ،أنه لا خلاص ولا نجاة للأمة والمجتمعات أمام التيارات الجارفة إلا باستمساكها بدينها وعقيدتها وهدي نبيها صلى الله عليه وسلم،والاعتماد بعد الله على قدراتها الذاتية،وعقيدتها الإيمانية،في الثبات على دين الله والسير الى الله على خُطاً ثابتة.
والمؤمن أشد بلاء، والداعية إلى الله الصادق المخلص أشد منه ابتلاء وتمحيصاً، حتى يظل المجتمع الإيماني نقياً من شوائب النفاق والضعف، موصدا الأبواب أمام تيارات الفتن العارمة،فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم ، قال(مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل الكافر كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقّة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح يشتد البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما له خطيئة من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النارإنا والله لا نولي هذا العمل أحداً سأله ولا أحداً حرص عليه ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به)[رواه البخاري ومسلم].
وهناك صنف آخر من المنافقين يتسم بصفة الإفساد،ولو أن المنافقين في جملتهم يسعون بالفساد،إلا أن هذا الصنف يلعب دورا في الإفساد في محيطه البيئي ،وذلك من خلال أذية الصالحين من جيرانهم وزملاءهم وأصدقاهم، فيظهرون للمؤمنين المحبة والمودة والصلاح والإصلاح،وهم في طياتهم يضمرون الخبث والحسد والكراهية للمؤمنين، ألسنتهم تنضح بالحلاوة، وقلوبهم تنبض بالكيد والضراوة ،وما إن تسنح لهم الفرصة،لايتورعون في الأذية والكيد للمؤمنين،وتشويه سمعتهم،وتأليب القلوب عليهم،كما قال الله عنهم(ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) محمد 30 ،قال الإمام البغوي رحمه الله(ولو نشاء لأريناكهم) أي لأعلمناكهم وعرفناكهم ( فلعرفتهم بسيماهم ) بعلامتهم ، قال الزجاج : المعنى : لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة تعرفهم بها ،وقال أنس : ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين ، كان يعرفهم بسيماهم ،( ولتعرفنهم في لحن القول ) في معناه ومقصده ،( واللحن ) وجهان صواب وخطأ ، فالفعل من الصواب : لحن يلحن لحنا فهو لحن إذا فطن للشيء ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ) ،والفعل من الخطأ لحن يلحن لحنا فهو لاحن ، والأصل فيه:إزالة الكلام عن جهته ،والمعنى : إنك تعرفهم فيما يعرضون به من تهجين أمرك وأمر المسلمين والاستهزاء بهم ، فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا عرفه بقوله ، ويستدل بفحوى كلامه على فساد دخيلته)[تفسير البغوي ص 510] .
يقول الشيخ سعود الشريم إمام المسجد الحرام(مهما جملت الجسد فإن الجينات الوراثية هي التي تؤثر في النتاج،كذلك المبطل إذا جمل قوله فإن نتاج باطنه يفضحه!!(ولتعرفنهم في لحن القول….)،ويقول ابن تيمية رحمه الله(وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ) وقال(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ) الحج٧٢ ،وهذا أمر محسوس لمن له قلب، فإن ما في القلب من النور والظلمة والخير والشر يسري كثيرًا إلى الوجه والعين، وهما أعظم الأشياء ارتباطًا بالقلب)[الإستقامة 1/355] ،ويُظهر الله ما تكنه القلوب على الألسن،فإن الذين في قلوبهم دخن وشر للمؤمنين،تظهره فلتات ألسنتهم،فالألسن مغارف القلوب.
وخلاصة القول أن يسأل المسلم ربه بأن يجيره من النفاق وأهله، وأن يجعل ظاهره وباطنه في الخير سواء،وأن يثبته على الحق حتى يلقاه.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.