من الظواهر التي انتشرت وطفت على السطح وسببت شرخا عميقا في جدار الأمة عامة والمجتمع خاصة،ظاهرة التعميم في الحكم من خلال عمل مخالف صادرمن فرد أو أفراد،يُجمع فيه الصالح والطالح والصحيح والسقيم والبر والفاجر مما يجر إلى نتائج وخيمة ،ويُوقع في الندم والحسرة والظلم والجور،والغيبة والنميمة وإفساد ذات البين ،ويوقع صاحب الحكم المتعجل في حرج ويسبب له الأذى واستطالة الألسن ونزول القدر والمهابة عند الناس .والله عز وجل قد أمر بالعدل في القول والتحري والأناة ولا يحمل المرء كرهه لفلان من الناس أو جماعة معينة على التعميم والظلم والزور والبهتان،فقد يكون المنقول إليه كذب وافتراء،كما قال عز وجل(وإذا قلتم فاعدلوا)(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط)(ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)،وأمر سبحانه بالتأني وتلمس الحقيقة وعدم الحكم على فلان من الناس لمجرد كلام منقول من ضعيف إيمان وصاحب فتنة،فقال عز وجل(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)فالمؤمن مأمور بالتأني وعدم التعجل في الحكم على الفرد والجماعة،بل يتحرى الحقيقة ويلزم العدل فذلك سلامة لدينه وإيمانه وآخرته.
إن التعميم في الحكم على الآخرين يُعد وسيلة قاصرة وتشويه للحقيقة،لا تصدر إلا من إنسان ضعيف الإيمان،محدود الفكر،فقير العلم،مهزوز الشخصية، مريض القلب،متقلب المزاج،لا يثبت على حال،يتقلب مع هواه وحظوظ نفسه، قال أحد الحكماء: (التعميم هو لغة الجهلاء والحمقى وأصحاب العاهة الفكرية).
ولذلك كان من كمال دين المرء وإيمانه،وصفاء قلبه،ونقاء سريرته،البعد عن التعميم في الحكم على إخوانه،وعدم تصديق ما يُنقل إليه من كلام أو فعل ولو كان لديه ثقة في الناقل،فقد يأتي المرء البلاء من جهة مأمنه وثقته،وليتحرى الحقيقة وصحة المنقول،فذاك درب السلامة ،والسلامة لا يعدلها شيء.