بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.وبعد:
هناك أمور يَحْسُن التنبيه عليها تجاه يوم مبارك من هذه العشر المباركة، وهو يوم عرفة ولا سيما أنه على الأبواب.
الأول: أن يوم عرفة كما هو معلوم لدى الجميع ،يُكَفِّر ذنوب سنتين ماضية ومستقبلة،فعلمنا الماضية،فما تكفير المستقبلة؟ قال أهل العلم ومنهم المناوي رحمه الله( إما أن يعطيه الله من الثواب والأجور ما يُكَفر تلك الذنوب كلها، وإما أن يحفظه فيها من الذنوب فلا يقع فيها،وإما أن يُكَفرها له ويمحوها وإن وقع فيها فيكون المُكَفِّر مقدم على المُكَفَّر،ورحمة الله واسعة.
الثاني: أن تكفير الذنوب لسنتين إنما يكون في الذنوب الصغائر وليس في الكبائر،لأن الكبائر لا يمحوها إلا توبة خاصة صادقة مستوفية الشروط.
ثالثا: من فضل الله وكرمه أن صيام يوم عرفة لا يقتصر على تكفير سنتين فحسب، بل يباعد الله وجه من صامه عن النار سبعين خريفا(أي مسيرة سبعين سنة) كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله(من صام يوما في سبيل الله باعد الله النار عن وجهه سبعين خريفا) والمغبون من فاته.
رابعا: لماذا فُضِّل يوم عرفة على عاشورا بسنتين؟ قال أهل العلم(فُضل يوم عرفة على عاشوراء لأنه من شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم فضوعف فيه الأجر ببركة هذا النبي الكريم،بينما عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام.كما أن يوم عرفة جاء في شهر حرام وسبقه شهر حرام وجاء بعده شهر حرام،بخلاف عاشوراء.
خامسا: قد يُشكل على كثير من الناس صيامه موافقة ليوم الجمعة،وليس في ذلك حرج والحمد لله،فإن صيامه وحده يوم الجمعة جائز كونه وافق عادة يصومها المسلم كيوم عرفة وعاشوراء وما شابه ذلك،فإذاصامه المسلم وحده يوم الجمعة كونه وافق يوم عرفة فهذا جائز ولا حرج،وكذلك يوم عاشوراء،لكن يوم عاشوراء أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود بصيام يوم قبله أو يوم بعده،وقال ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)،فهذا في حق عاشوراء،والمقصود أن صيام يوم الجمعة وحده كونه وافق يوم عرفة لا حرج فيه،لكن إن اجتهد المسلم وأراد صيام الخميس قبله معه زيادة في الأجر فلا حرج وهذا خير وبركة.