من هم الرجال، وماهي الرجولة حقيقة؟ !!!!!! د. ناجي بن وقدان

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

 اعتاد الناس على نعت الرجال بأنهم أولئك الحائزين على أعلى قدر من الدنيا، وأنهم أصحاب الوجاهة والمال، والحسب والنسب والشجاعة والكرم، هذا هو التقييم السائد عند الناس، وإن كان بعضها مطلوب إلا أن هناك ما هو أعلى وأجل منها، والله جل وعلا قد بين لنا من هم الرجال حقيقة، الرجال الذين تُبنى بهم الحضارات وتُشيد بهم الانجازات، الرجال الذين يحبهم الله ويحبهم رسول صلى الله عليه وسلم، فقال جل وعلا(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)، قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله(رِجَالٌ، وأي: رِجَال، ليسوا ممن يؤثر على ربه دنيا، ذات لذات، ولا تجارة ومكاسب، مشغلة عنه)، وقال ابن كثير رحمه الله قوله( رِجَالٌ) فيه إشعار بِهِمَمِهِم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عمَّاراً للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه)، فإذا كنت يا رعاك الله من أهل المساجد في الصلوات الخمس مسارعاً إليها تاركاً الدنيا خلف ظهرك ، خصوصاً صلاة الفجر، ومنافساً على الصف الأول، فأنت ذلك الرجل الموصوف بوصف الله تبارك وتعالى، وأنت من عناه الله ونعته في وصفه.

وللرجولة الحَقة صفات ذكرها الله في كتابه ،ونَوَّه عنها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في سُنته، فمن تلك الصفات :

– الفطرة السليمة، والمفاهيم المستقيمة، واتزان الأفكار والتصرفات، ولذلك بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيأتي زمان تُفتقد فيه هذه المعايير عند الجمع الغفير من الأمة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إنها ستأتي على الناس سنون خدّاعة، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة؟ قال: السفيه يتكلم في أمر العامة).

– التأني ولزوم الحكمة والبعد عن التهور والظلم والاستطالة على الضعفاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) فالشدة والقوة تكون في مُلك النفس، ولزوم الحق، وكتم الغيظ .

– الصدق مع الله والثبات على دينه، كما قال تعالى( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).

– إيثار الآخرة على الدنيا، كما قال تعالى( رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ).

– ومن الرجولة أن يكون المسلم عوناً لأخيه ومحبه في الله على كل خير، ذائدا ومدافعا عنه وعن عرضه، وملاذا له وقت الشدائد والمحن، وقصة الرجل الذي حَذَّر موسى من غدر قومه شاهد حي على ذلك(وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ).

هذا هو مفهوم الرجولة والرجال، من كان على هذا المفهوم فقد حقق مُراد الله منه، واشتمل على الصفات التي بها رفعته في الدنيا والآخرة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *