الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
في مثل هذه الظروف العصيبة يرى العلماء أن صلاة الجمعة تصلى ظهرا في البيوت جماعة كل رب بيت يصلي بأهل بيته جماعة ويكتب الله لهم أجر الجماعة في المسجد،لما حبسهم عنه من العذر، وهذه الرؤيا مبنية على حِكَمٍ كثيرة مستنبطة من الأدلة الشرعية والأحوال المرعية، ومن ذلك:
أولًا: أنَّ صلاة الجمعة مرتبطة بإذن ولي الأمر لما يراه من المصلحة الراجحة ولا سيما في هذه الظروف العصيبة المرتبطة بسلامة المجتمع درءاً للخطر عنه وهذه تدابير وأسباب يؤيدها النقل والعقل والواجب على الجميع الامتثال والطاعة.
ثانيًا: أنَّ الجمعة تؤدى ظهرا في البيوت ولا تؤدى جمعة لأن الجمعة لا تتعدد في البلد الواحد إلا لعذر مبيح كضيق المساجد وكثرة المصلين ونحوه،فكيف تؤدى وتتعدد في كل بيت؟فلا حاجة لأن تؤدى في البيوت بل تُصلى ظهرا ، ثم إن الجمعة من الشعائر الظاهرة للعيان وهذا لا ينطبق عليها إذا أُديت في البيوت.
ثالثا: أن أهل الإختصاص قالوا أن اجتماع الناس في المساجد وتزاحمهم قد يكون مرتعا خصبا لانتقال هذا الوباء وانتشاره ،لذا كان الأولى المنع وتوجيه الناس بالصلاة جماعة في بيوتهم.
رابعا: أن على الأمة عامة والمجتمع خاصة التوجة إلى الله بالدعاء والتضرع برفع هذا الوباء والبلاء ،مع كثرة التوبة والإستغفار فإن البلاء والوباء مصدره الذنوب المعاصي، والتوبة منها والندم والرجوع إلى الله ،سبب قوي لرفعه عن الأمة واستجلاب العافية والسلامة،كما قال عز وجل(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31]، وقال تعالى (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) [الزمر:54]، وقال سبحانه(مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) النساء (147) ، وقال سبحانه(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا) نوح (10) ،نسأل المولى عز وجل أن يتوب على عباده ويرفع عنهم كل بلاء ووباء وأن يصلح بالهم وأحوالهم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.